من جهة ذات سلطان؛ واتباع ما أنزل الله لأنه هو وحده الإله الحق، وصاحب السلطان وصاحب الأمر: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} 1.
وفي المدينة كان يقول عن المنافقين: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} 2.
وكان يقول لهم: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} 3.
أما المؤمنون فما كانوا في حاجة إلى توكيد هذه البديهية الواضحة في حسهم، ولا إلى بيان أسبابها، فهي مسلمة لديهم. لذلك لم يأت ذكرها إلا لمجرد التذكير:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} 4.
وبقي المسلمون يحملون هذه البديهية في حسهم ما يقرب من ثلاثة عشر قرنًا من الزمان، منذ قامت الدولة الإسلامية في المدينة حتى نحيت شريعة الله عن الحكم في القرن الهجري الأخير.
كانوا يحكمون بشريعة الله، ويرون -بداهة- أن هذا هو مقتضى كونهم مسلمين.
أما نحن -في قرننا هذا الحالي- فإننا حالة فريدة -سيئة- في تاريخ الإسلام كله. إن لم يكن في تاريخ البشرية.
فنحن نؤمن بوحدانية الله لا شريك له، ثم -لأول مرة في تاريخ الإسلام- لا ننفذ شريعته! ولا نرى حَرَجًا في ذلك ولا مأثمة. بل يرى فريق منا -ممن يزعمون رغم ذلك أنهم مسلمون! - أن الخير هو في تنحية هذه الشريعة الربانية, واتخاذ تشريعات أخرى من صنع البشر!
حالة فريدة في تاريخ الإسلام..
وأكاد أقول في تاريخ البشرية كله. ذلك أن البشرية في تاريخها كله