عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ، قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} 1 صدق الله العظيم. قد ضلوا وما كانوا مهتدين. ولكنهم مع ذلك كانوا منطقيين في ضلالتهم!
كان هناك تطابق كامل وواضح بين اعتقادهم الضال وسلوكهم الضال. يعتقدون بوجود الآلهة فيتبعونها ويتبعونها لأنهم معتقدون بوجودها وبألوهيتها وبفاعليتها بواجب العبادة والاتباع لها.
وبمجرد أن زال الاعتقاد زالت العبادة وزال الاتباع. فكانوا منطقيين مع أنفسهم مرة أخرى في إيمانهم كما كانوا منطقيين مع أنفسهم في ضلالتهم.
آمنوا أنه لا إله إلا الله، فعبدوه وحده، واتبعوه وحده، ونفذوا شريعته تنفيذا كاملًا لا يخلطون بها شيئًا من شرائع الخلق. ولم يستغرق ذلك منهم تفكيرًا ولا جدلًا ولا تلكؤًا "إلا المنافقين" ولا كان في حسهم أنه في حاجة إلى بحث فردي أو بحث جماعي. فهو البديهية المنطقية مع موقفهم الاعتقادي.. لا تحتاج إلى تبرير ولا تفسير.
آلهة متعددة معتقد بوجودها.. فمعبودة ومتبعة.
إله واحد معتقد بوجوده. فمعبود ومتبع.
قضية بديهية واضحة لا تحتاج إلى بيان.
إنما كان البيان كله موجهًا في مكة للمشركين، ثم -في المدينة- للمنافقين. في مكة كان يقول للمشركين: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} 2.
وكان يقول لهم: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} 3.
فيربط اتخاذ الشركاء باتباع شريعة أولئك الشركاء. ثم يناقشهم -بمختلف الوسائل التي يستخدمها القرآن- لبيان سخف هذا الاعتقاد، واستحالة وجود الشركاء، ثم، بالتالي، يطالبهم بإبطال شريعتهم، لأنها باطلة، لم تصدر.