وصل الأمر إلى التنازل عن "الفائض" من النساء للذين جاءوا من مكة بغير زوجات!

{وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} 1.

كانت المؤاخاة التي عقدها الرسول صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار تدريبًا عمليًّا على "الأخوة الإسلامية" التي تبعثها تلك العقيدة في نفوس المؤمنين بها: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} 2 وكان تدريبًا ناجحًا. فذًّا في نجاحه، فريدًا في التاريخ.

وكانت كذلك تدريبًا عمليًّا على "التكافل" وهو معنى من المعاني العميقة في بناء الجماعة الإسلامية: القادرون يكفلون غير القادرين. على أساس الأخوة في الله من جانب، وعلى أساس التصرف في مال الله بما يرضي الله من جانب آخر.

إن العقيدة الإسلامية -والتربية الإسلامية كذلك- تربي المسلمين على أن المال الذي في أيديهم هو مال الله في الحقيقة. هو الذي وهبه -وإن شاء أخذه- وهو الذي ملكه لمن ملكه له، ومن ثم يخف في أنفسهم الشعور البشري بالملك، الذي يستبد بالناس في الجاهلية فيصبح جنونًا لا يترك صاحبه في راحة؛ يريد أن يستزيد دائمًا لينتفش ويستكبر بمقدار ما يزيد. أما في حس المسلم فالمال في يده نعم. ولكنه مال الله في الحقيقة. وقد أمر الله بإنفاق جانب منه للمحتاجين إليه من "الإخوة" في المجتمع الإسلامي. فينفق المسلم ذلك عن طيب خاطر -بمقدار رسوخ العقيدة ورسوخ التربية الإسلامية في نفسه- سواء في الزكاة المفروضة أو في التطوع الذي ليست له نسب مقررة ولا حدود، ويتم بذلك التكافل الذي تتسم به حياة المسلمين، سواء في داخل الأسرة أو في المجتمع على اتساعه؛ ويتم التخفف من الشح، وذلك ركيزة من ركائز التربية الإسلامية.

ثم يبدأ الجهاد في سبيل الله..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015