وهو وجه جديد من وجوه الثبات على العقيدة واحتمال المشقات، في حاجة إلى تربية وتدريب جديد.

بالأمس كان وجه العقيدة -ووجه التربية كذلك- هو احتمال الأذى الذي تصبه الجاهلية على المؤمنين، وقد اجتازت الجماعة الأولى ذلك الوجه بثبات باهر ونجاح باهر، بتوجيهات القرآن وتوجيهات الرسول صلى الله عليه وسلم وسهره على رعايتها وتقويمها وتثبيتها.

واليوم أصبح وجه العقيدة -ووجه التربية كذلك- هو احتمال الأذى في سبيل الذود عن العقيدة من الأعداء.

قد يكون بينهما جانب مشترك. ولكنه على وجه التأكيد لون جديد من التربية والتدريب والإعداد.

قد يحتمل الإنسان أذى مصبوبًا عليه من الظالم.. ولكن أن يقاتله ويعرض نفسه للموت في القتال هذا أمر آخر.

حقيقة إن القتال يرتكز على ذات القاعدة التي ربيت من قبل في محنة الابتلاء:

أن الموت والحياة بيد الله، والضر والنفع بيد الله، لا يملكهما غيره وإن وهم البشر غير ذلك.

وإن الآخرة هي الحياة الحقيقية التي يحرص المؤمن عليها، وأن متاع الدنيا قليل لا يساوي الحرص عليه.

وحقيقة إن الرصيد الذي اكتسبه المؤمنون في المحنة، من صلابة العود، والاستعداد للانخلاع من متاع الأرض حين يدعو الداعي إلى ذلك، هو ذات الرصيد المطلوب للقتال.

ومع ذلك فالأمر محتاج إلى توجيه جديد وتدريب جديد؛ لأن احتمال الأذى كما قلنا شيء. والخروج إلى المخاطر شيء آخر.

والدليل على أنه درس جديد وتدريب جديد هو كل تلك الآيات التي تحرض المؤمنين على القتال في السور المدنية الطويلة بصفة خاصة: البقرة وآل عمران والنساء والمائدة. ثم الأنفال والتوبة، وسورة آل عمران كلها -على طولها- حديث واحد منوع عن معركة لا إله إلا الله، وما حول المعركة من معان متشعبة الأطراف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015