سلطة حقيقية في أيديهم، ويملكون بأنفسهم الضر والنفع له أو لغيره من الناس!

فأما إن ثبت في مكانه، واستيقن أن ما يصيبه من الضرر على أيدي هؤلاء إنما يصيبه بإرادة الله ومشيئته لا بإرادة هؤلاء ومشيئتهم، وأن هؤلاء لا يملكون له ولا لأنفسهم نفعًا ولا ضرًّا. أما إن حدث ذلك فقد آمن حقًّا أن الله هو الضار النافع وحده. وأما إن تزلزل يقينه، ونظر إلى أولئك الطغاة كمن يملك التصرف في شيء من عند أنفسهم. فهو إذن غير صالح لإقامة البناء! وكان من الحكمة أن ينكشف قبل إقامة البناء بالفعل، لأنه يومئذ كان يؤسس على باطل ويبني غير مستقيم!

{مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ} 1.

فلن يقول لكم الله سلفًا إن هذا طيب وهذا خبيث. إنما يبتليكم فيميز الطيب من الخبيث!

وتقول عقيدة لا إله إلا الله: إن الله هو الرازق وحده. {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} 2.

ويؤمن الناس بذلك في سهولة في اثناء الرخاء. فما دامت أرزاقهم جارية على حالها لم يمسها سوء، فلن يكلف الناس شيئًا أن يؤمنوا أن الله هو الرزاق ذو القوة المتين!

ثم يحدث الابتلاء، ويبتلى الإنسان فيرزقه نتيجة تمسكه بعقيدته، وإبائه أن يتركها ويعود في ملة الجاهلية.

أو ما زال ذلك "المؤمن" يؤمن بأن الله هو الرزاق ذو القوة المتين؟ أم تزلزل إيمانه, وظن أن أولئك الطغاة يملكون شيئًا من الرزق، ويستطيعون أن يقطعوه أو يطلقوه؟

فأما إن ثبت في مكانه، وعلم أن ما أصابه في رزقه لم يكن بسبب سلطة ذاتية يملكها الطغاة، ولكن لأن الله أراد ذلك الابتلاء لحكمة يريدها، فقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015