ولا كانت الجماعة الأولى تفعل ذلك، وهي التي تمثل فيها المنهج الرباني بتمامه كله.

ولا يمكن أن يكون لنا اعتراض على ذكر الله. فذلك أمر من أوامر الإسلام. ولكن التعرف على المنهج الرباني في التربية يدلنا على أن التذكير الدائم بالله كان وسيلة لغاية، ولم يكن هو نهاية الغاية.

الغاية هي الخلافة الراشدة عن الله في الأرض. وهي العبادة لله، التي تشمل كل حياة الإنسان وكل متجهاته:

{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} 1 {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لا شَرِيكَ لَهُ} 2.

وطاعة الله وتنفيذ أوامره وخشيته وتقواه هي الأداة للقيام بالخلافة الراشدة عن الله.

والذكر الدائم لله، واستحضار عظمته في الوجدان، هو الوسيلة لتحقيق الخشية والتقوى، التي هي أداة الخلافة الراشدة والمعين عليها.

فالوقوف عند الوسيلة دون الوصول بها إلى الغاية لا يكون تحقيقًا للإسلام كما أراده الله، ولا يكون تحقيقًا لمنهج التربية الإسلامية كما طبقه رسول الله صلى الله عليه وسلم بتمامه مع الجماعة الأولى من المسلمين، ومن هذه الزاوية ينبغي أن نحكم على الأمور.

إنما تربت الجماعة الأولى على ذكر الله بصورته الحية الدافعة، التي تدفع النفس إلى العمل وتعينها على مشقة الطريق.

وكان القرآن يحدث المؤمنين عن اليوم الآخر، ويجسمه لهم كأنما يرونه اللحظة أمامهم، ويعيشون مشاهده الحية بوجدانهم بل بلغ من إعجاز القرآن في تصوير مشاهد القيامة أن يحس الإنسان كأنما يوم القيامة هو الحاضر الماثل, وكأنما الدنيا ماضٍ قد انقضى وانطوى من زمان بعيد!

وذلك درس من دروس التربية في ذات الوقت الذي هو من دروس العقيدة..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015