آخر. أولهما قد يكون مطلوبًا بين الحين والحين. أما الثاني فعيب في التربية خطير.

وينبغي سادسًا أن يكون المربي قادرًا على القيادة مع قدرته على المتابعة والتوجيه.

والقيادة موهبة توحي للمتلقي أن يتلقى أولًا. وأن يطمئن لمن يتلقى ثانيًا. ثم أن يطيع. وبغير ذلك لا يكون للتوجيه جدوى ولا يتم من عملية التربية شيء، ولو كانت التوجيهات صحيحة، ولو كانت عند المربي القدرة على المتابعة والاهتمام.

أن تصدر الأمر هذا وحده لا يكفي.. ولو كان الأمر صحيحًا في ذاته وضروريًّا في مناسبته. إنما ينبغي أن تكون لديك القدرة على جعل المتلقي ينفذ ذلك الأمر، وإلا فالنتيجة أسوأ من عدم إصدار أمر على الإطلاق!

فحين تصدر الأمر للمتلقي ثم لا ينفذه استخفافًا بمن أصدر إليه الأمر.

فقد انتهت المسألة وانقطع الخيط.. ولا جدوى في الاستمرار.

حقًّا قد يحدث أحيانًا أن يكون العيب في المتلقي، لأنه عاص متمرد شاذ الطبع، وذلك أمر سنعرض له بإذن الله في غضون الكتاب.

ولكنا هنا ونحن نتحدث عن المربي، نشير إلى هذه البديهية، وهي أن من يعجز عن القيادة لا يصلح للتربية، ولو كان في ذاته شخصًا طيبًا مشتملًا على كل جميل من الخصال.. وليس كل إنسان طيب الخصال قادرًا على القيادة ولا الزعامة، ولا مطالبًا بها كذلك! فهي أصلًا موهبة لدنية، تصقلها التجارب وتزيدها مضاء وقدرة، ولكنها لا تنشئها حيث لا تكون!

وقد يكون الأمر هينًا بالنسبة للآباء وهم يربون أطفالهم، فهم قادرون على فرض إرادتهم عليهم بطريقة ما، وإن كانوا كثيرًا ما يسيئون التصرف فيفسدون أطفالهم في النهاية من حيث يريدون لهم الخير. أما بالنسبة لتربية الكبار فالأمر مختلف، وخاصة حين يكون الأمر أمر دعوة لا أمر سلطان.

هنا يتحتم أن يكون المربي قادرًا على القيادة، وأن يكون له من شخصيته ما يفرض طاعته على الناس بغير سلطان.

وقد كان يمكن أن نجعل هذا البند السادس جزءًا من البند الأول المتعلق بالشخصية. فالقدرة على القيادة فرع عن الشخصية القوية، ولكن هناك حالات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015