{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} 1.

واللين مع ذلك ليس معناه ترك الحبل على الغارب حتى تصير الأمور فوضى، وإنما معناه فقط ما عبر عنه القرآن، عدم الفظاظة وغلظ القلب. أما الحسم فأمر ضروري مع اللين:

{فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} 1.

فاللين في موضعه ضروري في عملية التربية. والحسم في موضعه كذلك ضروري على نفس المستوى. إنما المنهي عنه هو الفظاظة وغلظ القلب لأنها لا تأتي بخير، وتؤدي إلى الانفضاض بدلًا من التقويم.

وإذن فطريقة العطاء مهمة كالعطاء ذاته، في مزيج من الحب والرفق والحسم، ومعرفة بمواطن اللين ومواطن الحسم، على قاعدة دائمة من الحب.

وينبغي رابعًا أن يكون عند المربي المقدرة على الاهتمام بالآخرين، والاهتمام بأن يعطيهم ما عنده من الخير.

هنالك شخص طيب في ذاته. وقد يكون عنده ما يعطيه، ولكنه لا يهتم بإعطائه للآخرين. لا لأنه يكرههم ولا يحب لهم الخير، ولكن لأنه عزوف يعيش في عزلة، أو كسول يكره الحركة. ذلك لا يصلح للتربية؛ لأن الاهتمام بالآخرين عنصر ضروري في التربية، من الجانبين جانب المربي وجانب المتلقي. أما المربي فإن فقد الاهتمام بالآخرين فلن يتجه أصلًا إلى التربية, فضلًا على كونه لا يصلح لها -ولو احترفها احترافًا- وأما المتلقي فلا يمكن أن ينشرح صدره للتلقي من شخص يحس في أعماقه أنه لا يهتم به!

فالاهتمام والرعاية إذن عنصر ضروري من عناصر التربية لا بد أن يتوفر في المربي لكي ينجح في مهمته الخطيرة.

وينبغي خامسًا أن يكون المربي قادرًا على المتابعة والتوجيه المستمر.

فالاهتمام وحده لا يكفي إن كان اهتمام اللحظة العابرة, ثم ينقطع بانتهاء اللحظة أو انتهاء المناسبة. فالتربية عملية مستمرة لا يكفي فيها توجيه عابر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015