{الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} 1.
ومن ثم يتعامل تعاملًا سويًّا مع الآخرين، ويستطيع التلاحم معهم في يسر، لأنه في حيزه الطبيعي بلا زيادة.
ولكن الإنسان الجاهلي يبحث عن وجوده الحقيقي فلا يحسه -وإن زعم لنفسه أنه موجود- ومن ثم ينتفخ أكثر من حقيقته لعله يحقق ذلك الوجود المفقود! ويلتقي الناس ببروزاتهم وانتفاخاتهم المريضة تلك.
فلا يلتحمون.
بل إن الأمر أعمق من ذلك وأعجب في شأن هذه العقيدة وما تنشئه من تلاحم في القلوب والأرواح.
إن الإنسان المؤمن لا يكتفي بأنه لا يلجأ إلى الانتفاخ الزائد لإثبات وجوده بل إنه -من حبه لله ورسوله، وحبه لأخيه الذي التقى به في الله ورسوله- ليحب أن يؤثر أخاه على نفسه، فيأخذ أقل من حيزه الطبيعي الذي يحق له أن يشغله، فتوجد دائمًا فسحة في المشاعر، لا تمنع الاحتكاك فحسب، بل تبعده كذلك عن الحدوث!
وذلك من معجزات العقيدة، ومعجزات التربية على العقيدة:
{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} ! 2.
ثم إن هذا الالتقاء في الله ورسوله، فوق تربيته مشاعر الحب، وهي العنصر الأسمى في كيان الإنسان، فإنه يضاعف رصيد كل واحد منهم من الخير المستقى من الإيمان.. كأنما كل واحد منهم يتلقى ذلك الخير من خلال نفوس إخوته بالإضافة إلى نفسه، فتضاعف الحصيلة لكل منهم بذات الجهد المبذول!
وتلك تجربة واقعية يعرفها كل من مارس الحياة في جماعة تؤمن بالله ورسوله، وتلتقي على حب الله ورسوله.
مجرد التقاء الأخوة يضاعف رصيد كل منهم من الإيمان، ويضاعف