-لتوها- أرواحهم، وتلقي -لتوها- قلوبهم، كل منها يأخذ من معين واحد، فتلتقي كلها على المعين، وعلى الأخذ من المعين!

نعم. إنه لقاء مزدوج ولذلك هو عميق..

إنهم التقوا أولًا لأن كلًّا منهم جاء إلى الله ورسوله يتلقى منه، ويهتدي بهديه، ويتوجه إليه. فالتقوا على المعين.

ثم إن أخذهم كلهم من معين واحد، في وقت واحد، بطريقة واحدة، أوجد رابطة جديدة بينهم عمقت في نفوسهم ذلك اللقاء، وذلك الالتقاء، فصاروا كأنهم روح واحد في أجسام متعددة، أو قلب واحد ينبض في أكثر من كيان.

وتمت بالتقائهم على هذا النحو خطوة جديدة من خطى التربية الإسلامية! كانت الخطوة الأولى هي حب الله ورسوله. والخطوة الثانية هي الالتقاء على حب الله ورسوله.

ما الجديد في هذه الخطوة؟ وما أثرها في "التربية" التي هي موضوع حديثنا هنا؟ وما الفرق بينها وبين الخطوة الأولى؟

إن المخلوق البشري كما خلقه الله كائن ذو شعبتين في آن واحد، ملتقيتين بلا انفصال ولا تعارض في هذا الكيان.

شعبة فردية ذاتية، وشعبة جماعية "غيرية".. كلتاهما جزء منه، وهو يتكون منهما جميعًا، ولا بد أن تعملا معًا ليتكامل كيانه.

من أجل ذلك لا يمكن أن يتربى الإنسان تربية حقيقية متكاملة إلا في جماعة.

وعلى أهمية التربية الفردية إلى أقصى مدى الأهمية، فإنها وحدها لا تنشئ كيانًا سويًّا للإنسان، لأن هناك جوانب من النفس البشرية لا تنضج ولا تعمل إلا في داخل جماعة فيها أفراد آخرون غير ذات الإنسان. فإذا لم يلتق الإنسان بالجماعة أو لم يتعود التعامل معها، فستظل هذه الجوانب كامنة معطلة غير مدربة على العمل، فتنكمش وتتضاءل، كما ينكمش ويتضاءل كل عضو لا يستخدم في جسم الإنسان.

كيف تتعامل مع الآخرين؟ هل تبدأ نحوهم بمشاعر الحب؟ هل تبدأ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015