{أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} 1.

ومن أجل هذا -وغيره- يوجب الإسلام على المسلمين قراءة القرآن وتدبر آياته، فهو معين التربية الأول، ومعين الحياة.

هذه المعرفة الحية بالله، بصفاته التي يعرفه بها القرآن، أنه الخالق البارئ المصور، الرزاق الضار النافع المحيي المميت، صاحب اليوم الأول واليوم الآخر.. هذه المعرفة هي اللبنة الرئيسية في التربية الإسلامية، لا شيء قبلها، وكل شيء بعدها يجيء.

ومما له دلالة بارزة في منهج التربية الإسلامية أن درس العقيدة لم ينقطع بانتهاء الفترة المكية، بل استمر حتى بعد تكون الدولة المسلمة في المدينة، وبعد رسوخ الإيمان في قلوب المؤمنين، إلى حد القتال في سبيل العقيدة، والاستشهاد في سبيل الله!

كل الفرق أنه بعد أن كان الدرس الوحيد في السور المكية صارت معه دروس أخرى في المدينة، من تشريعات وتوجيهات وتنظيمات وتوعية سياسية وإعدادات لمعركة لا إله إلا الله؛ وأنه بعد أن كان الدرس يلقن هناك على سبيل التأسيس، صار يلقن هنا على سبيل التذكير، بعد أن ترسخت قواعده هناك.

ولكن استمرار تلقين الدرس للمؤمنين بعد أن آمنوا هو الأمر ذو الدلالة الهامة، لأن معناه أن هذا درس لا ينتهي أبدًا مهما كانت حالة المؤمن من الإيمان.. فلا بد من التذكير الدائم حتى للمؤمنين.. والله هو خالق هذه الفطرة والعليم بمساربها ومسالكها، وما هي في حاجة إليه لتقويمها, وإصلاح ما ينحرف منها، فإذا ظل يذكر المؤمنين بالعقيدة وهم مؤمنون فلأنه يعلم ثقلة الأرض وجاذبيتها، وحاجة الناس إلى الجهد الدائب والتذكير الدائم لموازنة ثقلتها. ولأنه يعلم أن الشياطين إنما تتلقف الغافلين!

تلك المعرفة الحية من شأنها أن تربط القلب البشري بالله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015