التربية الإسلامية التي رباهم عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم على منهج القرآن وبوحي تعاليمه.

ولقد كانت لهم ولا شك في الجاهلية فضائل، ولا تخلو أي جاهلية في التاريخ من بعض الفضائل، فإن النفس البشرية حتى في أسوأ أحوالها لا تتمحض للشر! ولكن الجاهلية لا تترك تلك الفضائل على حالتها الفطرية وإنما تلتوي بها فتحولها عن وجهتها. كما حولت الجاهلية العربية فضيلة الكرم إلى المفاخرة وإنفاق المال "رئاء الناس" كما جاء في القرآن. أما حين لا يكون هناك مجال للمفاخرة وتحدث البركان فهم كما قال عنهم القرآن:

{كَلَّا بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ، وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} 1.

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} 2!!

وكما حولت فضيلة الشجاعة والاستعداد لبذل النفس فيما هو أكبر من كيان الفرد، إلى غارات السلب والنهب والعدوان المستمر على الآخرين والحمية الجاهلية التي تندفع إلى القتال دون أن تعلم -أو تسأل- في حق هو أم في باطل!

ومن هذه العجينة المشوهة، بفضائلها ورذائلها، صاغ الإسلام أروع نماذج البشرية في التاريخ كله. صاغ الأمة التي وصفها خالقها -سبحانه- بقوله: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} ..

فبأي وسيلة صنع الإسلام ذلك؟ وهل هي وسيلة متاحة في كل وقت، كلما جربت وكيفما جربت ِآتت ثمارها، أم إن هناك مناخًا معينًا هو الذي أثمر تلك الثمرة العجيبة، وينبغي توفيره في كل مرة لتنتج الوسيلة نتيجتها؟

لقد بدأ الإسلام بتصحيح العقيدة في الله.

والمتتبع للسور المكية يجد أن هناك موضوعًا واحدًا هو الغالب على هذه السور كلها، وهو موضوع العقيدة.

وحين نقول "العقيدة" فإننا نقصد بطبيعة الحال "العقيدة الصحيحة". وإلا فإن اعتقاد الإنسان بوجود إله مسألة فطرية لا تحتاج إلى نبي ولا رسول!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015