يفيدنا كثيرًا أن نراه مطبقًا بالفعل، ويفيدنا أكثر أن نراه مطبقًا في أعلى صوره، لأن ذلك يعطينا فكرة عملية عن المدى الذي يمكن أن يبلغ إليه كل عنصر من هذه العناصر، لنقيس جهدنا إليه في كل مرة، ونحاول المزيد!

إنك حين تشرح لدارس النبات أو الحيوان طريقة استنباته أو تربيته، تشفع ذلك بعرض نماذج واقعية من ذلك النبات أو الحيوان، وتختار -من بين ما تختار، أو في مقدمة ما تختار- النماذج الفائقة، لتعطي الدارس فكرة عن المدى الذي يمكن أن يصل إليه، والذي ينبغي عليه أن يحاوله، ثم تشرح له في الوقت ذاته عناصر التفوق في ذلك النموذج ليحاول استيفاءها في تجاربه الخاصة.

وفي عالم الإنسان كذلك.

ينبغي أن نستعرض النماذج الفائقة ونبحث سر تفوقها، لنعلم المدى الممكن، ونحاول الوصول.

وعناصر التربية في الجماعة الأولى هي كتاب الله وسنة رسوله.. مضافًا إليها شخص الرسول صلى الله عليه وسلم حاضرًا بنفسه في ذلك المجتمع، وقائمًا يتعهد هذه الجماعة بذاته الكريمة.

فأما كتاب الله وسنة رسوله فهما حاضران أبدًا. باقيان أبدًا إلى قيام الساعة، تكفل الله بحفظهما، ليحفظ بهما هذا الدين:

{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} 1.

وكذلك حفظت لنا سنة الرسول صلى الله عليه وسلم مدونة ومفصلة أدق تفصيل، وقام علماء المسلمين بتمحيص الدخيل عليها فنبذوه، وبينوا بجهدهم العلمي الفذ درجات الحديث من الصحة إلى الوضع، وما يؤخذ به وما لا يؤخذ به في كل مجال من الفقه والتشريع إلى مكارم الأخلاق.

وأما وجود الرسول صلى الله عليه وسلم بشخصه فهو العنصر الذي لم يتكرر في أي جيل آخر. ولكن لدينا سيرة مفصلة لحياته صلى الله عليه وسلم تجعل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015