والجهد الذي ينبغي أن يبذل لتطبيق التربية الإسلامية على نطاق واسع هو جهد الدولة المسلمة في الحقيقة، التي تملك الوسائل المعينة وتملك السلطة للتطبيق. فإن المهمة الأولى للدولة المسلمة هي تحقيق الإسلام في واقع الأرض، وإقامة حياة الناس كلها على مبادئ الإسلام. من أول سياسة الحكم، إلى سياسة الاقتصاد، إلى سياسة الاجتماع، إلى سياسة الأخلاق، إلى أنماط السلوك اليومية بين الناس، إلى الشارع، إلى البيت، إلى وسائل الإعلام.
فأما حين تكون الدولة لا تقوم بذلك، أو تقوم بما هو مناقض له، فقد تعين أن تقوم بهذا جماعة من الناس تندب نفسها للدعوة إلى تحقيق الإسلام في واقع الأرض.. تنفذه في ذات نفسها أولًا ثم تدعو الناس إلى تنفيذه ... وتجاهد في سبيل ذلك، وتحتمل المشقة ولو حاربتها الجاهلية بكل وسائل الحرب، حتى يأذن الله بتغيير ما عليه الناس، حين يغيرون ما بأنفسهم من مشاعر وتصورات:
{إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} 1.
وستكون مهمتنا في جميع الأحوال: سواء قامت الدولة المسلمة -حين توجد- بتطبيق منهج التربية الإسلامية على النطاق الواسع، أو قامت به جماعة من المسلمين في ذات نفسها ثم دعت إليه الناس ... ستكون مهمتنا أن نتعرف على المنهج في كتاب الله وسنة رسوله، ثم في صورته التطبيقية المتكاملة في المجتمع الإسلامي الأول، لنستنبط من هذا كله منهجًا مفصلًا قابلًا للتطبيق في لحظتنا الحاضرة وظروفنا الحاضرة.
ونحاول في هذا الكتاب أن نبين كيف يكون التطبيق، مستمدين العون من الله.
والله ولي التوفيق.
محمد قطب