بل إن تربية طفل واحد على مبادئ التربية الإسلامية في صورتها المثالية، ليحتاج إلى ذات التغيير الشامل لكل صور الحياة في تلك المجتمعات الجاهلية! وإلا فأين تذهب بطفلك بعيدًا عن هذا المجتمع؟!

تحبسه في صومعة؟ إنك بذلك لا تربيه تربية حقيقية, فضلًا عن أن تكون تلك التربية هي التربية الإسلامية!

فإن أطلقته في هذا المجتمع فكيف تحميه -بادئ ذي بدء- من بذاءات المجتمع الجاهلي التي ينثرها في الطريق في كل لحظة؟ ويكف تحميه من صور الانحراف الخلقي في كل أمر من أموره: في المرأة المتبرجة المشغولة بالفتنة، في مغازلات الشباب على قارعة الطريق، في الغش والكذب الذي يتعامل به الناس في الأخذ والعطاء، في صور الظلم الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الواقع على جمهور الناس؟

ثم حين تذهب به إلى المدرسة فكيف تحميه من مدرسته المتبرجة للفتنة، وكيف تحميه من طقوس التقديس التي تقدم كل يوم للطواغيت الذين لا يحكمون بما أنزل الله، وكيف تحميه من المناهج الفاسدة التي تدرس له في المدرسة، والتي تبعده إبعادًا عن الله ورسوله، وعن كل ما يتصل بالدين في معناه الحقيقي على الرغم من حصة "الدين" الرسمية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا تترك طابعها في حياته، ولا تؤدي إلى شيء حقيقي في واقع الحياة، بل تؤدي في الواقع إلى زيادة نفوره من الدين!

بل كيف تحميه -حتى في بيتك- من الأغنية البذيئة المفسدة، وهي تدخل بيتك -ولو أغلقته عليك- من مذياع الجار، أو من ترداد المتسكعين في الطريق؟!

كلا! إن تربية طفل واحد، كألف طفل، ككل الأطفال.. تحتاج إلى تغيير شامل لكل صور الحياة في المجتمع الجاهلي! وكذب الطغاة -ويعلمون أنهم كاذبون- حين كانوا يقولون للمسلمين وهم يعذبونهم في السجون: ما لكم ونظام الحكم؟! ربوا أنفسكم وأولادكم كما ترغبون، ولا تتعرضوا لنظام الحكم!! فهل يتركون الفرصة الحقيقية للناس ليربوا أنفسهم وأولادهم على الإسلام؟!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015