حتى مع الجهد المبذول والنية الصادقة والعزيمة يمكن أن تحل جميع المشكلات التي تواجه المسلمين اليوم في فترة قصيرة من الزمان.
إن ما أصاب المسلمين اليوم من هوان وذلة وخزي، وانحلال وتفكك وضعف، إنما هو حصيلة قرون طويلة من التخلي التدريجي المستمر عن حقيقة الإسلام، ونتيجة فساد لا ينحصر في السلوك وحده, وإنما يتعداه إلى المفاهيم والتصورات، وذلك أخطر بكثير مما لو كان الفساد في السلوك وحده مع صحة التصور, وسلامة المفهوم.
مفهوم لا إله إلا الله. مفهوم العبادة. مفهوم القضاء والقدر. مفهوم الدنيا والآخرة. مفهوم الحضارة وعمارة الأرض.. مفهوم التربية ذاته ... وكثير غيره من المفاهيم الإسلامية الأصيلة ... أين هي اليوم في أذهان "المسلمين" مما كانت عليه في حس المسلمين الأوائل الذين كتبوا التاريخ؟!
فإذا كان الفساد واقعًا في المفاهيم الأصيلة بالإضافة إلى الفساد الكثيف في السلوك، فليس من طبائع الأشياء أن يتم في سنوات قليلة إصلاح ما حدث من الفساد في قرون!
إنما يحتاج الأمر إلى بذل الجهد، والصبر على الجهد، والصبر على المعاناة، مع التوكل على الله والتقوى لله:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} 1.
يحتاج الأمر إلى دعوة ...
دعوة الناس إلى الإسلام من جديد.
وتحتاج الدعوة إلى كل مستلزماتها: من إخلاص وتجرد، وصدق في النية وفي السلوك، وصبر وثبات، ومشقة وتضحيات.
وفي النهاية -في الوقت الذي يقدره الله- تؤتي الدعوة ثمارها.. ويتغير الواقع السيئ الذي يعيشه الناس اليوم، ويتغير وضع المسلمين في الأرض من الذلة المخزية والهوان البائس إلى العزة التي كتبها الله للمؤمنين، وإلى النصر والاستخلاف والتمكين: