الذي تتداعى الأمم عليه كما حدث الرسول صلى الله عليه وسلم: "يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها". قالوا: أمن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: "بل إنكم كثير, ولكنكم غثاء كغثاء السيل" 1.
ولقد كنت قبل سنوات مضت قد ألفت كتابًا بعنوان "منهج التربية الإسلامية" تحدثت فيه عن النظرية الإسلامية في التربية، ورجوت الله في مقدمته أن يوفقني إلى كتابة الجزء الثاني منه، الذي يتحدث عن التطبيق وهأنذا أعود إلى الموضوع بعد تلك الأعوام، أحاول الكتابة عن الجانب التطبيقي لذلك المنهج الذي أوضحت نظريته هناك.
وإني لأستشعر منذ البدء صعوبة المحاولة، وأستشعر -إزاء ضخامتها- ضآلة جهدي المحدود. وما أرى أن محاولتي الحاضرة ستوفي بكل ما رجوته في مقدمة الكتاب الأول، ولا أن حصيلتي من التجربة خلال تلك الأعوام كفاء لما ينبغي أن تكون عليه الكتابة في هذا الموضوع الحيوي الخطير.
ولكن الله العظيم الرحيم لا يكلف نفسًا إلا ما آتاها. وبحسبي في اللحظة الحاضرة أن أقدم ما تجمع لدي من حصيلة في هذا الأمر. فإذا منحني الله المزيد من الوقت، ومن الجهد، ومن حصيلة التجربة، ومن التوفيق، فسيكون هناك بإذن الله عودة جديدة إلى الموضوع، وإلا فبحسبي ما وفقني الله إليه، وأرجو أن يكون الموضوع موضع اهتمام دائم من الدعاة إلى الإسلام، ليوفوه حقه من الدراسة في جميع جوانبه، ويقدموا للراغبين منهجًا كاملًا للتربية الإسلامية، مفصلًا وميسرًا للتطبيق.
و {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} 2 {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} 3.