واقعي بدليل أنه أنتج بالفعل ثمرات طيبة شهدتها البشرية ونعمت بها على مدار التاريخ.

وواقعي لأنه يخاطب الناس من طريق مقدرة كامنة في نفوسهم، موجودة بالفعل، مشتمل عليها كيانهم. وهي القدرة على الصعود يحين يهتف لهم هاتف الصعود.

هذه المقدرة طاقة حقيقة أودعها الله في الفطرة البشرية، ووكل بها ترقية الحياة الإنسانية والصعود بها دائمًا إلى الأمام.

والإسلام يحرص على استغلال هذه الطاقة، ويصر على ذلك أشد الإصرار.

لأنه واقعي مغرق في الواقعية!

إنه يعرف أن هناك نتائج واقعية معينة يصل إليها حين يهتف للناس من طريق الصعود.

إنه لا يتوقع -ولا يتطلب- أن يصل الناس جميعهم إلى القمة.

ولكنه يتوقع -ويتطلب, ويحدث ذلك بالفعل- أن يرتفع الناس في مجموعهم درجات مختلفة من الارتفاع.

بعضهم يقترب من القمة الشامخة، وبعضهم يصعد درجات، وبعضهم يتعب فيجلس في الطريق ليستريح. وبعضهم ينتكس فيهبط إلى الأرض ... ولكن المجتمع يرتفع في مجموعه ...

كلهم يرتفعون.. حتى المنتكسون عددهم يقل، وتوجد أمامهم فرصة دائمة للارتفاع!

فأية واقعية عميقة تلك التي تنبت من النظرة المثالية؟!

ولا يغفل الإسلام أبدًا عن واقع الطبيعة البشرية وما ركب فيها من تنوع في الطاقات والاتجاهات والمستويات.

لذلك لا يلزم الناس بصورة مثالية معينة مصبوبة في قالب لا تتعداه.

إنما هو يطلب إلى كل إنسان أن يبلغ حدود الكمال الممكن له هو بحسب استعداداته وطاقاته واتجاهاته. وكل ما يفرضه هو المحاولة الدائمة لبلوغ ذلك الكمال الخاص في حدود الإطار المثالي العام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015