وهو شخص متوازن. تلمح الاعتدال في سلوكه وفي فكره وفي شعوره. متوازن لأن طاقته كلها تعمل، وتأخذ نصيبها من الحياة.

متوازن لا يندفع مع نزوة طارئة، لأن عقله يرده عن الاندفاع.

متوازن لا يسبح في بحر عاجي من الأفكار والأحلام ويترك الواقع، لأن قوته الحيوية ترده عن التحليق الفارغ وتوقظه لواقع الحياة.

متوازن لا يغرق في متاع الأرض ولا يغرق في عالم المادة، لأن روحه المتفتحة الطليقة تنتشله من هذه الوهدة وتوازن ما فيه من ثقلة الطين. فهو يستمتع بطيبات الحياة دون تكالب عليها، وهو على استعداد دائم للتخلي عنها إذا دعا إلى ذلك داع من دواعي الجهاد في سبيل الله.

متوازن لا يستطيره خبر يسمعه حتى يتثبت ويتبين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} 1.

متوازن لا تستطيره كل نظرية جديدة يسمعها، حتى يزنها بميزانه، ويتثبت مما فيها من الحق، لأنه لا يحب أن يكون مثل الذين: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} 2. {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا} 3.

وفي الوقت ذاته لا يجمد على كل قديم عنده، فالجمود ليس من الإيمان، والاعتراف بنعمة الله يقتضي إعمال الفكر الذي وهبه الله للإنسان للتدبر والمعرفة. ومن الواجب أن يبحث الإنسان عن الحق ويتبعه حالما يثبت له أنه حق. "الحكمة ضالة المؤمن" 4.

متوازن لأن فيه قوة ضابطة موجهة، مهتدية بمنهج الله ودستوره، تقول له افعل هذا ولا تفعل ذاك.

وهو قوة فاعلة في واقع الأرض.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015