عن قوة في مواجهة الشر، واجبة لأنها في النهاية تؤدي إلى الخير.

وفي ذلك مفتاح الموقف بالنسبة للمؤمن. فهدفه الأخير هو الخير. وهو يصل إليه بكل طريق ممكن. قد تكفيه في دفع الشر كلمة طيبة: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} 1, {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ} 2. وقد تفلح الموعظة الحسنة: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} 3. وقد تخفق الوسائل كلها فلا تنفع إلا الشدة، وعندئذ تكون الشدة هي الصواب.

المؤمن قوي في كل حالاته، مستعل في كل حالاته: {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} 4.

وتلك سمة من سماته.

إنه لا يستعلي في السراء كبرًا وانتفاشًا كاذبًا وفرحًا في الساعة الرخية.

كلا. فما هذا استعلاء؛ وإنما هو كبر وغرور لا يحبهما الإسلام:

{وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ، وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} 5. {وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا} 6.

دعوة إلى التواضع والقصد والاعتدال.

إنما الاستعلاء الحقيقي هو الاعتزاز بالله، والاعتزاز بالنفس وصيانتها عن كل مذلة لغير الله، وكل دنس يصيبها، وكل خضوع لما يملك الإنسان دفعه من الأذى والضرورات.

ومن ثم فهو غير مقتصر على ساعات النصر والغلبة والرخاء. فالتوجيه في الآية للمؤمنين بأنهم الأعلون، كان على إثر الهزيمة في المعركة وغلبة الكفار: {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ، إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015