من روح الله: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} 1.

يؤمن بما لهذا الكيان الروحي من مطالب، وما يشتمل عليه من طاقات. فيعطيه ما يطلبه من عقيدة ومثل وصعود وترفع، ويجند طاقاته في إصلاح كيان النفس وإصلاح شرور المجتمع، وإقامة الحق والعدل الأزليين. بأن يصله بالله، يستمد وجوده ووحيه من مولاه.

وليس هذا فقط ولا ذاك.

ليست مزية الإسلام أنه يشمل الكيان البشري كله ولا يترك شيئًا من جوانبه المتعددة الطاقات.

وإنما المزية الحقة أنه يساير الفطرة فيما هو أبعد من هذه الحقيقية.

إن كيان الإنسان من جسم وروح، أو جسم وعقل وروح إذا اعتبرنا العقل كيانًا متميزًا عن هذين، هذا الكيان ليس منفصل الأجزاء. إنه ليس جسمًا وحده مستقلًا بذاته لا علاقة له بالروح أو العقل. وليس عقلًا منفصلًا مستقلًا بذاته لا يرتبط بجسم أو روح، وليس روحًا وحدها هائمة بلا رابط من عقل أو جسم. وإنما هو كيان واحد ممتزج مترابط الأجزاء.

ولقد أغرى الانفصال الظاهري بعض النظم فتخصصت. تخصصت لعبادة الجسد أو عبادة العقل أو عبادة الروح. ونسيت الكيان المتكامل وأهملته من الحساب.

وقد أغرى البحث العلمي المتخصص بطبعه، فقسم الإنسان جسمًا بلا عقل، أو روحًا بلا جسم، أو عقلًا بلا روح. وراح يبحث كل واحد على حدة وهو يوهم نفسه أن هذا هو الإنسان.

ولكن الواقع المشهود ليس كذلك.

نعم توجد لحظات كأنها لحظة جسد خالصة أو لحظة عقل خالصة أو لحظة روح.

كأنها, وليست كذلك في الواقع!

واستغراق الإنسان في لحظة من هذه اللحظات هو الذي يوهمه أن هذا الانفصال قائم، وأنه في حيز الإمكان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015