وقوله ''وعكسه'' أي عكس الترادف وهو أن يتحدَ اللفظُ ويتكثَّرَ المعنى، ثم بيَّن أقسامه فقال: ((إن كان حقيقة فيهما فمشترك)) فهذا يعني أن المشترك: اللفظ الموضوع على أكثر من معنىً حقيقة، وأما إن كان اللفظ حقيقة في أحدهما فالأول حقيقة والثاني مجاز.
وبهذا يكون التاج السبكي قد بيَّن لنا معاني هذه الأمور ولكن لا بطريق التعاريف الحدية ... وإنما بطريق التقسيمات العقلية.
أحيانا ترى التاج السبكي يذكرُ تعريف أحد الأمرين المتقابلين، ولا يتعرَّضُ لتعريف الآخر مكتفياً بتعريفه من خلال تعريف مقابله فقط.
فمن ذلك قوله في تعريف الصحة والبطلان: ((والصحة موافقة ذي الوجهين الشرع ... [ثم قال] ويقابلها البطلان وهو الفساد)) (?).
فهاهنا بيَّن لنا التاج السبكي أولاً معنى الصحة وهو كون الشيء مما يمكن وقوعه تارةً موافقاً للشرع وتارةً لا يوافق الشرع.
ثم بيَّن أنّ المقابل للصحة هو البطلان والفساد، ولم يتعرَّض لتعريفه مكتفياً بتعريف الصحة، ولما كانت الصحة ضدُّ البطلان يمكن حدُّه بأنه: مخالفة ذي الوجهين الشرع، وهذا عُلِمَ من خلال المقابلة بين الصحة والفساد.
كان التاج السبكي مُهتمّاً بإبراز حقيقة التعاريف فهو لا يَذكرُ في التعريف إلا ما يؤدي إلى تصوُّره تصوُّراً صحيحا، لذا فقد وجدته يضعُ من القيود أو يحذفُ أخرى من التعاريف، بحيث أنَّ القارئَ يمكن أن يَسْتخلصَ المسألةَ من خلال التعريف، وقد نصّ التاج السبكي على أنه يبني المسألة على التعاريف - وخاصة في ((جمع الجوامع)) - وذلك في كتابه ((منع الموانع)) حيث قال هناك: ((وقد نثرنا مسائلَ الإجماع على الحد أحسنَ نثر واستخرجناها كلَّها من التعريف، على عادتنا في هذا الكتاب التي لم نُسْبَقْ إليها، وهي البَداءَةُ بالتعريف، ثم استخراجُ مسائل الباب منه؛ بحيث يَلُوحُ لذي الفِطْنة اكتفاؤُه بالتعريف عن النظر في تلك المسائل، لإمكانه فهمه إياها منه، ولا يبقى في إعادة ذكرها إلا فائدةُ التنصيص عليها، وحكاية الخلاف فيها والتنبيه على قيودٍ قد تَعْتَوِرها) (?).
ومن الشواهد الدالة على ذلك:
1 - قوله في تعريف الإجماع أنه: ((اتفاق مجتهدي (?) الأمة بعد وفاة محمد صلى الله عليه وسلم في عصر على أي أمر كان)) (?)