فلما قرأه على الناس سمعه عروة بن أمية أخو أبي بلال. قال: تحكمون في أمر الله الرجال, لا حكم إلا لله. وشد بسيفه فضرب دابة من قرأ الكتاب. وكان ذلك أول ما ظهرت الحرورية الخوارح. وفشت العداوة بينهم وبين عسكر علي, وقطعوا الطريق في إيابهم بالتشاتم والتضارب بالسياط.
تقول الخوارج: يا أعداء الله! داهنتم في دين الله.
ويقول الآخرون: فارقتم إمامنا, ومزقتم جماعتنا. ولم يزالوا كذلك حتى قدموا العراق, فقال بعض الناس من المتخلفين: ما صنع علي شيء. فسمعها علي فقال: وجوه قوم ما رأوا الشام, ثم أنشد شعرا:
أخوك الذي إن أَجْرَضَتْكَ ملمة
من الدهر لم يبرح لِبَثِّك واجما
وليس أخوك بالذي إن تشعبت
عليك الأمور ظل يلحاك لائما
فلما دخل الكوفة ذهبت الخوارج إلى حروراء فنزل بها اثنا عشر ألفا, على ما ذكره ابن جرير. ونادى مناديهم: أن أمير القتال: شبث بن ربعي التميمي. وأمير الصلاة: عبد الله بن الكوَّاء اليشكري. والأمر شورى بعد الفتح, والبيعة لله عز وجل, والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فلما سمع علي ذلك وأصحابه قامت إليه الشيعة, فقالوا له: في أعناقنا بيعة ثانية, نحن أولياء من واليت, وأعداء من عاديت.