خديعة, ووهنا ومكيدة. قالوا: لا يسعنا أن ندعى إلى كتاب فنأبى أن نقبله.
وقال لهم علي: إنما أقاتلهم ليدينوا بحكم الكتاب, فإنهم قد عصوا الله ونسوا عهده.
قال له مسعر بن فدكي التميمي وزيد بن حصين الطائي في عصابة من القراء: يا علي أجب إلى كتاب الله إذا دعيت إليه وإلا دفعناك برمتك إلى القوم, أو نفعل بك كما فعلنا بابن عفان. فلم يزالوا به حتى نهى الناس عن القتال, ووقع السباب بينهم وبين الأشتر وغيره ممن يرى عدم التحكيم.
فقال الناس: قد قبلنا أن نجعل القرآن بيننا وبينهم حكما, فجاء الأشعث بن قيس إلى علي فقال: لأن الناس قد رضوا بما دعوهم إليه من حكم القرآن, إن شئت أتيت معاوية. قال علي: ائته, فأتاه. فقال: لأي شيء رفعوا المصاحف؟ قال: لنرجع نحن وأنتم إلى ما أمر الله به في كتابه, تبعثون رجلا ترضون به, ونبعث رجلا نرضى به, فنأخذ عليهما أن يعملا بما في كتاب الله, لا يعدلان عنه. فعاد إلى علي فأخبره. فقال الناس: قد رضينا. قال أهل الشام رضينا عمرو بن العاص. وقال الأشعث, وأولئك القوم الذين صاروا خوارج: رضينا بأبي موسى الأشعري. فراودهم علي على غيره, وأراد ابن عباس. قالوا: والله لا نبالي أنت كنت حكمها أم ابن عباس, ولا نرضى إلا رجلا منك ومن معاوية سواء, وأبوا غير أبي موسى. فوافقهم علي كرها. وكتب كتاب التحكيم.