وقال ابن القيم _رحمه الله تعالى_ في "مدارج السالكين" لما ذكر حال أولياء الله المتقين, قال: وهم مستترون عن أعين الناس بأسبابهم وصنائعهم ولباسهم, لم يجعلوا لطلبهم ولإرادتهم إشارة تشير إليهم: اعرفوني. انتهى.
وهؤلاء الجهال يأمرون الناس أن يلبسوا عمائم يتميزون بها عن الناس, ويشار إليهم, ويعرفون بها.
إذا فهمت هذا فاعلم أنه ليس مقصودنا بإنكار هذه العمائم لبسها فإنها من المباحات والعادات. وإنما الإنكار زعمهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم سنها وشرعها لأمته, وأنها شعار يتميز به من دخل في هذا الدين عن غيره.
وهذا لم يشرعه الله ولا رسوله, ولا قاله المحققون من أهل العلم.
ومن ذلك أنهم ينكرون على من لبس عقالا من صوف, ولا يسلمون عليه, ويقولون: إنه لم يكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يلبسه لا هو ولا أصحابه, وهم يلبسون المشالح السود والبيض والحمر والغتر (الشمغ) والرسول صلى الله عليه وسلم لم يلبسها لا هو ولا أصحابه, ولم تكن في عهده ولا في عهد أصحابه, فكيف يكون لبس هذه حلالا ولبس تلك حراما؟ وهذا من جهلهم وعدم معرفتهم بمواقع الخطاب في الحلال والحرام, وما يترتب عن ذلك من القول على الله بلا علم. والله المستعان.
واعلم أيها الناظر في هذه الأوراق: أني لم أقل هذا الكلام طعنا على الإخوان ولا عيبا لهم ولا تتبعا لمساوئهم, ولا يظن هذا بنا إلا رجل سوء أو من أعمى الله بصيرة قلبه لعدم علمه ومعرفته بما يفرق بين الحق والباطل