وأحاديث أخرى كثيرة -مما اتفق على روايتها الشيخان أو انفرد بها أحدهما- سمح الشيخ الألباني لنفسه وتلاميذه أن يقف منها موقف الناقد البصير1.
وادعى الدكتور حمزة عبد الله المليباري -في بحث له ضمن رسالة الدكتوراه له- أن في صحيح الإمام مسلم عللًا خطيرة تدمر صحة جملة كبيرة من أحاديثه، وأنه يجب الاستعانة لذلك بكتب علل الحديث2، ولا شك أنه ادعاء مغرض، هدفه النيل من السُّنة الصحيحة، ولكن هيهات لما يهدفون!
ومما يجب التنبيه عليه أن كل الطعون التي اعتمد عليها الطاعنون في بعض أحاديث الصحيحين -أو أحدهما- كلها مبينة على قواعد ضعيفة مخالفة لما اتفق عليه الجمهور من أهل الحديث والفقه والأصول، وعليه فإنها لا تضر بصحة هذه أحاديث، علمًا بأن أكثر هذه الطعون موجهة نحو الرواة لا المتون3.
وأما كون الانتقادات والطعون الموجهة إلى بعض أحاديث الصحيحين -أو أحدهما- مردودة جملة؛ فذلك لأمور كثيرة منها ما يلي4:
الأول: تعارض قول المنتقدين مع تصحيح الشيخين لأحديثيهما
قال الإمام البخاريث: "لم أخرج في هذا الكتاب إلا صحيحًا، وما تركت من صحيح أكثر"5، وقال: "ما أدخلت في كتابي إلا ما صح، وتركت من الصحاح لحال الطول6"، وقال: "أخرجت هذا الكتاب من زهاء ستمائة ألف حديث وجعلته حجة بيني وبين الله"7.