قال الألباني: "فإن المقطوع به أنه -صلى الله عليه وسلم- تزوج ميمونة وهو غير محرم، ثبت ذلك عن ميمونة نفسها"، ثم نقل عن محمد بن عبد الهادي قوله: وقد عد هذه من الغلطات التي وقعت في الصحيح، وميمونة أخبرت أن هذا ما وقع، والإنسان أعرف بحال نفسه1.

قلت: هذا المثال الذي أتَى به الألباني عليه لا له، فهو من الأحاديث المشهورة التي وقع التجاذب بين مدلوليها، ومثالها لا يفيد العلم؛ لاستحالة أن يفيد المتناقضان العلم، وقد تكلم العلماء على هذا الحديث، واختلفوا فيه منذ القرن الأول2؛ ولكن الألباني أَبَى إلا أن يُطلق في موضع التقييد -وهو خطأ فادح- علمًا بأن جمعًا من العلماء جمعوا بين ما جاء في تزوج النبي -صلى الله عليه وسلم- من ميمونة وهو محرم، وبين نفيها -رضي الله عنها- ذلك، والجمع أولى من غيره، وهو سبيل أهل العناية والورع3، ونفى ابن حبان أن يكون تعارض بين هذه الأخبار فقال: وليس في هذه الأخبار تعارض4، وكان يجب على الألباني أن يذهب إلى هذا المذهب القوي دفاعًا عن الصحيحين، لا أن يتخذ هذا الحديث قنطرة لكلام على أسانيد الصحيحين حسبما يراه5 بجهده المتواضع6.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015