تَحْدُثُ الْإِرَادَاتُ وَالْمُرَادَاتُ، وَيَقُولُونَ بِجَوَازِ قِيَامِ الْحَوَادِثِ بِالْقَدِيمِ، وَلَرَجَعُوا عَنْ قَوْلِهِ: (* بِأَنَّ (?) نَفْسَ الْإِرَادَةِ الْقَدِيمَةِ تُخَصِّصُ أَحَدَ الْمِثْلَيْنِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَعَنْ قَوْلِهِمْ *) (?) بِحُدُوثِ الْحَوَادِثِ بِلَا سَبَبٍ حَادِثٍ، وَكَانُوا عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَا يَقُولُونَ بِقِدَمِ شَيْءٍ مِنَ الْعَالَمِ، بَلْ يَقُولُونَ: إِنَّ كُلَّ مَا سِوَى اللَّهِ فَإِنَّهُ حَادِثٌ كَائِنٌ (?) بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ.
وَكَانَ هَذَا لَازِمًا عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ إِذَا لَمْ يَجُزْ حُدُوثُ شَيْءٍ مِنَ الْحَوَادِثِ إِلَّا بِسَبَبٍ [حَادِثٍ] (?) ، وَلَمْ يَتَرَجَّحْ أَحَدُ الْوَقْتَيْنِ بِحُدُوثِ شَيْءٍ فِيهِ إِلَّا بِمُرَجِّحٍ يَقْتَضِي ذَلِكَ، لَا يَكُونُ تَأَخُّرُ الْمُرَادِ عَنِ الْإِرَادَةِ إِلَّا لِتَعَذُّرِ الْمُرَادِ، [إِذْ] (?) لَوْ كَانَ [الْمُرَادُ] (?) مُمْكِنًا أَنْ يُقَارِنَ الْإِرَادَةَ وَمُمْكِنًا أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْهَا، لَكَانَ تَخْصِيصُ أَحَدِ الزَّمَانَيْنِ بِالْإِحْدَاثِ تَخْصِيصًا بِلَا مُخَصِّصٍ.
فَعُلِمَ أَنَّهُ يَجِبُ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ: وُجُوبُ (?) مُقَارَنَةِ الْمُرَادِ لِلْإِرَادَةِ أَوِ امْتِنَاعِهِ (?) ، وَأَنَّهُ يَجِبُ مُقَارَنَتُهُ لِلْإِرَادَةِ إِذَا كَانَ مُمْكِنًا، وَأَنَّهُ لَا يَتَأَخَّرُ إِلَّا لِتَعَذُّرِ مُقَارَنَتِهِ: إِمَّا (?) لِامْتِنَاعِهِ فِي نَفْسِهِ، وَإِمَّا لِامْتِنَاعِ لَوَازِمِهِ.