وَامْتِنَاعُ اللَّازِمِ يَقْتَضِي امْتِنَاعَ الْمَلْزُومِ، لَكِنْ يَكُونُ امْتِنَاعُهُ لِغَيْرِهِ لَا لِنَفْسِهِ. كَمَا يَقُولُ الْمُسْلِمُونَ: مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، فَمَا شَاءَ [اللَّهُ] وَجَبَ (?) كَوْنُهُ بِمَشِيئَتِهِ لَا بِنَفْسِهِ، وَمَا لَمْ يَشَأْ يُمْتَنَعُ كَوْنُهُ لَا بِنَفْسِهِ بَلْ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِمَشِيئَتِهِ، فَإِذَا لَمْ يَشَأِ امْتَنَعَ كَوْنُهُ.
وَإِذَا كَانَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ لَازِمًا: إِمَّا مُقَارَنَةُ الْمُرَادِ [لِلْإِرَادَةِ] (?) ، وَإِمَّا امْتِنَاعُهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ شَيْءٌ مِنَ الْعَالَمِ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَدِيمًا لَوَجَبَ (3 أَنْ يَكُونَ قَدِيمًا لِوُجُوبِ 3) (?) مُقَارَنَتِهِ لَهُ فِي الْأَزَلِ. إِذِ التَّقْدِيرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُوبِ الْمُقَارَنَةِ أَوِ امْتِنَاعُ الْمُرَادِ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مُمْكِنًا فِي الْأَزَلِ لَزِمَ وُجُوبُ الْمُقَارَنَةِ (?) ، لَكِنَّ وُجُوبَ الْمُقَارَنَةِ مُمْتَنَعٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ أَنْ لَا يَحْدُثَ شَيْءٌ مِنَ الْحَوَادِثِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَلَزِمَ الْقِسْمُ الْآخَرُ: وَهُوَ امْتِنَاعُ شَيْءٍ مِنَ الْمُرَادِ الْمُعَيَّنِ فِي الْأَزَلِ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.
فَأَمَّا إِذَا قِيلَ بِأَنَّهُ يَجِبُ تَأَخُّرُ الْمُرَادِ عَنِ الْإِرَادَةِ - كَمَا يَقُولُ [ذَلِكَ] كَثِيرٌ (?) مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ - فَبِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ مُرِيدًا يُمْتَنَعُ قِدَمُ شَيْءٍ مِنَ الْعَالَمِ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.
فَتَبَيَّنَ حُدُوثُ كُلِّ مَا سِوَى اللَّهِ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ
وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ فَهِمَ هَذِهِ الطَّرِيقَ (?) اسْتَفَادَ بِهَا أُمُورًا: