اللَّهَ إِلَّا اللَّهُ، وَكُلُّ مَنْ جَعَلَ غَيْرَ اللَّهِ يُوَحِّدُ اللَّهَ فَهُوَ جَاحِدٌ عِنْدَهُمْ، كَمَا قَالَ:
مَا وَحَّدَ الْوَاحِدَ مِنْ وَاحِدٍ (أَيْ مِنْ وَاحِدٍ غَيْرِهِ) ... إِذْ كُلُّ مَنْ وَحَّدَهُ جَاحِدُ
فَإِنَّهُ عَلَى قَوْلِهِمْ: هُوَ الْمُوَحَّدُ وَالْمُوَحِّدُ. وَلِهَذَا قَالَ:
تَوْحِيدُ مَنْ يَنْطِقُ عَنْ نَعْتِهِ ... عَارِيَةٌ أَبْطَلَهَا الْوَاحِدُ
يَعْنِي إِذَا تَكَلَّمَ الْعَبْدُ بِالتَّوْحِيدِ، وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ الْمُتَكَلِّمُ، فَإِنَّمَا يَنْطِقُ عَنْ نَعْتِ نَفْسِهِ، فَيَسْتَعِيرُ مَا لَيْسَ لَهُ، فَيَتَكَلَّمُ بِهِ، وَهَذِهِ عَارِيَةٌ أَبْطَلَهَا الْوَاحِدُ، وَلَكِنْ إِذَا فَنَى عَنْ شُهُودِ نَفْسِهِ، وَكَانَ الْحَقُّ هُوَ الْمُتَكَلِّمُ عَلَى لِسَانِهِ، حَيْثُ فَنَى مَنْ لَمْ يَكُنْ، وَبَقِيَ مَنْ لَمْ يَزُلْ، فَيَكُونُ الْحَقُّ هُوَ النَّاطِقُ بِنَعْتِ نَفْسِهِ، لَا بِنَعْتِ الْعَبْدِ، وَيَكُونُ هُوَ الْمُوَحَّدُ وَهُوَ الْمُوَحِّدُ، وَلِهَذَا قَالَ: تَوْحِيدُهُ إِيَّاهُ تَوْحِيدُهُ - أَيْ تَوْحِيدُ الْحَقِّ إِيَّاهُ - أَيْ: نَفْسُهُ هُوَ (?) ، تَوْحِيدُهُ هُوَ، لَا تَوْحِيدَ الْمَخْلُوقِينَ لَهُ) فَإِنَّهُ لَا يُوَحِّدُهُ عِنْدَهُمْ مَخْلُوقٌ، بِمَعْنَى أَنَّهُ هُوَ النَّاطِقُ بِالتَّوْحِيدِ عَلَى لِسَانِ خَاصَّتِهِ، لَيْسَ النَّاطِقُ هُوَ الْمَخْلُوقُ، كَمَا يَقُولُهُ النَّصَارَى فِي الْمَسِيحِ: إِنَّ اللَّاهُوتَ تَكَلَّمَ بِلِسَانِ النَّاسُوتِ.
وَحَقِيقَةُ الْأَمْرِ أَنَّ كُلَّ مَنْ تَكَلَّمَ بِالتَّوْحِيدِ أَوْ تَصَوَّرَهُ، وَهُوَ يَشْهَدُ غَيْرَ اللَّهِ، فَلَيْسَ بِمُوَحِّدٍ (?) عِنْدَهُمْ. وَإِذَا غَابَ وَفَنَى عَنْ نَفْسِهِ بِالْكُلِّيَّةِ ; فَتَمَّ لَهُ مَقَامُ تَوْحِيدِ الْفَنَاءِ (?) ، الَّذِي يَجْذِبُهُ (?) ، إِلَى تَوْحِيدِ أَرْبَابِ الْجَمْعِ، صَارَ الْحَقُّ هُوَ