وَأَبْغَضَ هَذَا، وَأَثَابَ عَلَى هَذَا، وَعَاقَبَ عَلَى هَذَا، فَيُحِبُّ مَا أَحَبَّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَيُبْغِضُ مَا أَبْغَضَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَيَشْهَدُ الْفَرْقَ (?) فِي الْجَمْعِ، وَالْجَمْعُ فِي الْفَرْقِ، لَا (?) يُشْهَدُ جَمْعًا مَحْضًا، وَلَا فَرْقًا مَحْضًا (?) .

وَأَمَّا قَوْلُهُ: " وَيَجْذِبُ إِلَى تَوْحِيدِ أَرْبَابِ الْجَمْعِ " فَسَيَأْتِي. وَهَؤُلَاءِ شَرِبُوا مِنَ الْعَيْنِ الَّتِي شَرِبَ مِنْهَا نُفَاةُ الْقَدَرِ، فَإِنَّ أُولَئِكَ الَّذِينَ قَالُوا: الْأَمْرُ أُنُفٌ. قَالُوا: إِذَا سَبَقَ عِلْمُهُ وَحُكْمُهُ بِشَيْءٍ، امْتَنَعَ أَنْ يَأْمُرَ بِخِلَافِهِ، وَوَجَبَ وُجُودُهُ. وَفِي ذَلِكَ إِبْطَالُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، لَكِنَّ أُولَئِكَ كَانُوا مُعَظِّمِينَ (?) لِلْأَمْرِ وَالنَّهْيِ ; فَظَنُّوا أَنَّ إِثْبَاتَ مَا سَبَقَ مِنَ الْعِلْمِ وَالْحُكْمِ يُنَافِيهِ، فَأَثْبَتُوا الشَّرْعَ وَنَفَوُا الْقَدْرَ.

وَهَؤُلَاءِ اعْتَقَدُوا ذَلِكَ أَيْضًا، لَكِنْ أَثْبَتُوا الْقَدَرَ وَنَفَوْا عَمَّنْ شَاهَدَهُ أَنْ يَسْتَحْسِنَ حَسَنَةً يَأْمُرُ بِهَا، أَوْ يَسْتَقْبِحَ سَيِّئَةً يَنْهَى عَنْهَا ; فَأَثْبَتُوا الْقَدَرَ، وَأَبْطَلُوا الشَّرْعَ عَمَّنْ شَاهَدَ الْقَدَرَ. وَهَذَا الْقَوْلُ أَشَدُّ مُنَافَاةً لِدِينِ الْإِسْلَامِ مِنْ قَوْلِ نُفَاةِ الْقَدَرِ.

قَالَ: " وَأَمَّا التَّوْحِيدُ الثَّالِثُ فَهُوَ تَوْحِيدٌ اخْتَصَّهُ الْحَقُّ لِنَفْسِهِ، وَاسْتَحَقَّهُ بِقَدَرِهِ. . . إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ " وَقَدْ تَقَدَّمَ حِكَايَتُهُ. فَهَؤُلَاءِ هُمُ الَّذِينَ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ أَئِمَّةُ الطَّرِيقِ، كَالْجُنَيْدِ وَغَيْرِهِ، حَيْثُ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْقَدِيمِ وَالْمُحْدَثِ، وَحَقِيقَةُ قَوْلِ هَؤُلَاءِ الِاتِّحَادُ وَالْحُلُولُ الْخَاصُّ، مَنْ جِنْسِ قَوْلِ النَّصَارَى فِي الْمَسِيحِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمُوَحِّدُ هُوَ الْمُوَحَّدُ، وَلَا يُوَحِّدُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015