وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: مُرَادِي (?) مَصْلَحَةُ الْمَأْمُورِ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَصْلَحَةٌ بَلْ مَفْسَدَةٌ، لَكَانَ ذَلِكَ قَبِيحًا [مِنْهُ] (?) . وَكَذَلِكَ إِذَا فَعَلَ فِعْلًا لِمُرَادٍ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ الْمُرَادَ لَا يَحْصُلُ، لَكَانَ (?) ذَلِكَ قَبِيحًا مِنْهُ.

وَالْقَدَرِيَّةُ يَقُولُونَ: إِنَّ [اللَّهَ] خَلَقَ (?) الْكُفَّارَ لِيَنْفَعَهُمْ وَيُكْرِمَهُمْ (?) وَأَرَادَ ذَلِكَ بِخَلْقِهِمْ، وَأَمَرَهُمْ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُمْ يَتَضَرَّرُونَ لَا يَنْتَفِعُونَ، وَكَذَلِكَ الْوَاحِدُ مِنَ الْعِبَادِ لَوْ رَأَى عَبِيدَهُ أَوْ إِمَاءَهُ (?) يَزْنُونَ وَيَظْلِمُونَ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى مَنْعِهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ، لَكَانَ مَذْمُومًا مُسِيئًا، وَاللَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْ أَنْ يَكُونَ مَذْمُومًا مُسِيئًا.

وَالْقَدَرِيُّ يَقُولُ: هُوَ أَرَادَ بِخَلْقِهِ لَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ وَيُثِيبَهُمْ، فَخَلَقَهُمْ لِلنَّفْعِ، مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُمْ (?) لَا يَنْتَفِعُونَ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ مِثْلَ هَذَا قَبِيحٌ مِنَ الْخَلْقِ وَلَا يَقْبُحُ مِنَ الْخَالِقِ. وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمَخْلُوقَ إِذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى مَنْعِ عَبِيدِهِ مِنَ الْقَبَائِحِ، فَمَنْعُهُ لَهُمْ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُعَرِّضَهُمْ لِلثَّوَابِ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ لَهُمْ إِلَّا الْعِقَابُ، كَالرَّجُلِ الَّذِي يُعْطِي وَلَدَهُ أَوْ غُلَامَهُ مَالًا لِيَرْبَحَ فِيهِ (?) ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَشْتَرِي بِهِ سُمًّا يَأْكُلُهُ (?) ، فَمَنْعُهُ لَهُ مِنَ الْمَالِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ يَتَضَرَّرُ بِهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015