طَرِيقَةِ أَهْلِ الْمَشِيئَةِ وَالتَّفْوِيضِ فَالظُّلْمُ مُمْتَنِعٌ مِنْهُ لِذَاتِهِ ; لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ، أَوْ تَعَدَّى مَا حُدَّ لَهُ، وَكِلَاهُمَا مُمْتَنِعٌ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَبِكُلِّ حَالٍ (?) فَالرَّبُّ تَعَالَى لَا يُمَثَّلُ بِالْخَلْقِ (?) لَا فِي ذَاتِهِ وَلَا فِي صِفَاتِهِ وَلَا فِي أَفْعَالِهِ، بَلْ لَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فَمَا ثَبَتَ لِغَيْرِهِ مِنَ الْكَمَالِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَمَا تَنَزَّهَ عَنْهُ مِنَ النَّقْصِ فَهُوَ أَحَقُّ بِتَنْزِيهِهِ، وَمَا كَانَ سَائِغًا لِلْقَادِرِ الْغَنِيِّ فَهُوَ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ سَائِغًا لَهُ، وَلَيْسَ كُلُّ مَا قَبُحَ مِمَّنْ يُتَضَرَّرُ مِنْهُ يَكُونُ قَبِيحًا مِنْهُ (?) ، فَإِنَّ الْعِبَادَ لَنْ يَبْلُغُوا ضُرَّهُ فَيَضُرُّوهُ وَلَنْ يَبْلُغُوا نَفْعَهُ فَيَنْفَعُوهُ.

الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنْ يُقَالَ: لَا نِزَاعَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ اللَّهَ عَادِلٌ لَيْسَ ظَالِمًا (?) ، لَكِنْ لَيْسَ كُلُّ مَا كَانَ ظُلْمًا مِنَ الْعَبْدِ يَكُونُ ظُلْمًا مِنَ الرَّبِّ، وَلَا مَا كَانَ قَبِيحًا مِنَ الْعَبْدِ يَكُونُ قَبِيحًا مِنَ الرَّبِّ، فَإِنَّ اللَّهَ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ لَا فِي ذَاتِهِ وَلَا فِي صِفَاتِهِ وَلَا فِي أَفْعَالِهِ.

تَحْقِيقُ (?) ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ كَمَا يَقُولُهُ مَنْ يَقُولُهُ مِنَ الْقَدَرِيَّةِ لَلَزِمَ أَنْ يَقْبُحَ مِنْهُ أُمُورٌ فَعَلَهَا فَإِنَّ الْوَاحِدَ مِنِ الْعِبَادِ إِذَا أَمَرَ غَيْرَهُ بِأَمْرٍ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْآمِرُ وَتَوَعَّدَهُ عَلَيْهِ بِالْعِقَابِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ الْمَأْمُورَ لَا يَفْعَلُهُ (?) بَلْ يَعْصِيهَ فَيَسْتَحِقُّ (?) الْعِقَابَ، كَانَ (?) ذَلِكَ مِنْهُ عَبَثًا وَقَبِيحًا لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي ذَلِكَ لِلْآمِرِ وَالْمَأْمُورِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015