إِلَّا بِمَا فَعَلَهُ الْعَبْدُ بِاخْتِيَارِهِ وَقُوَّتِهِ (?) لَا بِفِعْلِ غَيْرِهِ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ. وَأَمَّا كَوْنُ الرَّبِّ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ كَوْنَ الْعَبْدِ هُوَ الْمَلُومُ عَلَى ذَلِكَ، كَمَا أَنَّ غَيْرَهُ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ يَلُومُهُ عَلَى ظُلْمِهِ وَعُدْوَانِهِ، مَعَ إِقْرَارِهِ بِأَنَّ اللَّهَ خَالِقُ أَفْعَالِ الْعِبَادِ.
وَجَمَاهِيرُ الْأُمَمِ مُقِرَّةٌ بِالْقَدَرِ، وَأَنَّ اللَّهَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ، وَهُمْ مَعَ هَذَا يَذُمُّونَ الظَّالِمِينَ (?) وَيُعَاقِبُونَهُمْ لِدَفْعِ ظُلْمِهِمْ وَعُدْوَانِهِمْ، كَمَا أَنَّهُمْ (?) يَعْتَقِدُونَ أَنَّ اللَّهَ خَالِقُ (?) الْحَيَوَانَاتِ الْمُضِرَّةِ وَالنَّبَاتَاتِ الْمُضِرَّةِ (?) وَهُمْ مَعَ هَذَا يَسْعَوْنَ فِي دَفْعِ ضَرَرِهَا وَشَرِّهَا. وَهُمْ أَيْضًا مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْكَاذِبَ وَالظَّالِمَ مَذْمُومٌ بِكَذِبِهِ وَظُلْمِهِ، وَأَنَّ ذَلِكَ وَصْفٌ سَيِّئٌ (?) فِيهِ، وَأَنَّ نَفْسَهُ (?) الْمُتَّصِفَةَ بِذَلِكَ خَبِيثَةٌ ظَالِمَةٌ لَا تَسْتَحِقُّ الْإِكْرَامَ الَّذِي يُنَاسِبُ أَهْلَ الصِّدْقِ وَالْعَدْلِ، وَإِنْ كَانُوا مُقِرِّينَ بِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مَخْلُوقٌ.
وَلَيْسَ فِي [فِطَرِ] (?) النَّاسِ أَنْ يَجْعَلُوا مُقَابَلَةَ الظَّالِمِ عَلَى ظُلْمِهِ ظُلْمًا لَهُ، وَإِنْ كَانُوا مُقِرِّينَ بِالْقَدَرِ، فَاللَّهُ أَوْلَى أَنْ لَا يُنْسَبَ إِلَى الظُّلْمِ لِذَلِكَ (?) ، وَهَذَا عَلَى طَرِيقَةِ أَهْلِ الْحِكْمَةِ وَالتَّعْلِيلِ [مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ] (?) . وَأَمَّا عَلَى