والتسجيل على عامة العلماء بالعيب والذم. فقلّ حكم من الأحكام الاجتهادية إلاّ وفيه خلاف. ومن المعلوم أنه جاء الخبر النبوي: أن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة، وتختلف في دينها. والعلماء مجمعون على القول بهذا، وإنه لا يلتفت إلى كل خلاف، لا سيما ما خالف النصوص والإجماع. وأفتوا بهذا في مسائل لا تحصى في أصول الدين وفروعه. فلو كان وجود الخلاف من الشبه لحكمنا بضلالهم في ذلك كله. وهم مجمعون على عكس ما قال العراقي. ولو أفتى ألوف ما يخالف النصوص فهم في جانب والنص في جانب ولو كان النص والحجة مع واحد من هؤلاء الألوف، قال الفضيل بن عياض: لا تستوحش من الطريق لقلة السالكين، ولا تغتر بالباطل لكثرة الهالكين. وأحسن منه وأدل قوله تعالى: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} (الأنعام: من الآية116) ، فبطل الاحتجاج بالأكثر في الأصول والفروع. وما أحسن ما قيل:
وليس كل خلاف جاء معتبراً ... إلاّ خلاف له حظ من النّظر
وقوله: المكفر بهذه الأشياء واحد، ليس في العير ولا في النفير، القائلون بخلافه ألوف.
يريد أن المكفر بعبادة القبور واحد، وهو الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
والوقوف على هذه القولة الضالة الحمقاء التي تنادي بجهل قائلها يكفي في الجواب.
وقوله: إنهم يسيئون الظن بجميع علماء المسلمين، ما عدا جماعتهم ـ إلى آخر كلامه.
تقدم جوابه، وأنه لا يعرف الحدود فلا يعرف العلماء في عرف الشرع ولا المسلمين في اصطلاح الرسول. والذي في وهمه أن العلماء من يجيز دعاء أهل القبور وأن المسلمين عنده من يدعو الموتى ويستغيث بهم. هذا حاصل كلام العراقي، فسبحان من أضله.
وسوء الظن بمن جالس وداهن وهذا الضرب من الناس مما يثاب عليه