قال العراقي: قال العلماء: لو أفتى مائة عالم إلا واحداً بكلمة كفر صريحة مجمع عليها، وقال عالم واحد بخلاف أولئك يحكم بقول الواحد، ويترك قول التسعة والتسعين، حقناً للدماء.
أقول في جوابه:
ها هنا والله يعرف ذوو الألباب مقدار ما هم فيه من النعمة بالعقول التي فارقوا بها الحيوانات، ويعرف ذوو الفضل والعلم نعمة العلم التي فارقوا بها أهل الجهالات والضلالات، ويعرفون حاصل هؤلاء الحيارى وما هم عليه من العقل والدين، لا سيما من عرف ما في الدّعوى من العموم والإجماع على خرق الإجماع، ثم هذا العدد المخصوص أهو غاية وحد لا يجوز أن يتجاوزه أحد؟ أو هو مبالغة وتهور لا يبالي به عند التحقيق والتصور؟ قوم هذا حاصل بحثهم ونهاية إقدامهم، لم يمتازوا على سائمة الأنعام إلا بمجرد الصورة والهيولى. قال تعالى: {وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصَارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ} الآية (الاحقاف: من الآية26) .
وأما قوله: لقوله صلى الله عليه وسلّم: "ادرأوا الحدود بالشبهات ما استطعتم" فهو من نمط ما قبله في الجهالة. والخلاف ليس من الشبهة، ولا يلتفت إليه إذا خالف الكتاب والسنة أو الإجماع. هذا باتفاق المسلمين، لا يشكل إلاّ على الأغبياء، وإطلاق القول بأن الخلاف شبهة يعود على الإسلام بالنقض والهدم،