وولداً وجعله سبحانه يحل فى مخلوقاته أو جعله عين هذا الوجود، وكذلك لم يقدره حق قدره من قال: إنه رفع أعداء رسوله وأهل بيته، وأعلى ذكرهم، وجعل فيهم الملك والخلافة والعزة، ووضع أولياء رسوله وأهانهم وأذلهم وضرب عليهم الذلة أينما ثقفوا. وهذا يتضمن غاية القدح فى جناب الرّب تبارك وتعالى عن قول الرافضة علواً كبيراً. وهذا القول مشتق من قول اليهود والنصارى فى ربّ العالمين: إنّه أرسل ملكا ظالماً فادعى النبوة لنفسه وكذب على الله تعالى، ومكث زمانا طويلا يكذب عليه كل وقت ويقول: قال كذا وأمر بكذا ونهى عن كذا وينسخ شرائع أنبيائه ورسله ويستبيح دماء أتباعهم وأموالهم وحريمهم. ويقول: الله تعالى أباح لي ذلك، والرّب تبارك وتعالى يظهره ويؤيده ويعليه ويقويه ويجيب دعواته ويمكنه ممن يخالفه ويقيم الأدلة على صدقه ولا يعاديه أحد إلا ظفر به، فيصدقه بقوله وفعله وتقريره ويحدث أدلة تصديقه شيئا بعد شيء. ومعلوم أن هذا يتضمن أعظم القدح والطعن فى الرب سبحانه وتعالى وعلمه وحكمته ورحمته وربوبيته تعالى ربّنا عن قول الجاحدين علواً كبيراً.
فوازن بين قول هذا وقول إخوانهم من الرافضة تجد القولين:
رضيعى لبان ثدى أم تقاسما ... باسحم داج عوض لا يتفرق
وكذلك لم يقدره حق قدره من قال: إنه يجوز أن يعذب أولياءه ومن لم يعصه طرفة عين، [ويدخلهم دار الجحيم، وينعم أعداءه ومن لم يؤمن به طرفة عين] (?) ويدخلهم دار النعيم، وأن كلا الأمرين بالنسبة إليه سواء، وإنما الخبر المحض جاء عنه بخلاف ذلك فمعناه للخبر لا لمخالفة حكمته وعدله. وقد أنكر سبحانه وتعالى فى كتابه على من يجوز عليه ذلك غاية الإنكار، وجعل الحكم به من أسوأ الأحكام، وكذلك لم يقدره حق قدره من زعم أنه لا يحيى الموتى ولا يبعث من فى القبور، ولا يجمع خلقه ليوم يجازى فيه المحسن بإحسانه والمسيء فيه بإساءته، ويأخذ للمظلوم فيه حقه من ظالمه،