وأصل الشرك وقاعدته التي يرجع إليها: هو التعطيل، وهو ثلاثة أقسام:
تعطيل المصنوع عن صانعه، وخالقه، وتعطيل الصانع سبحانه وتعالى عن كماله بتعطيل أسمائه وأوصافه وأفعاله، وتعطيل معاملته عما يجب على العبد من حقيقة التوحيد. ومن هذا شرك طائفة أهل وحدة الوجود الذين يقولون ما ثمّ خالق ومخلوق، ولا ها هنا شيئان. بل الحقّ المنزه هو عين الخلق المشبه ومنه شرك الملاحدة القائلين بقدم العالم وأبديته: وإن لم يكن معدوماً أصلاً. بل لم يزل ولا يزال والحوادث بأسرها مستندة عندهم إلى أسباب ووسائط، اقتضت إيجادها، فسموها العقول والنفوس ومن هذا شرك ومن عطل أسماء الرب تبارك وتعالى، وأوصافه وأفعاله من غلاة الجهمية والقرامطة، فلم يثبتوا له اسماً ولا صفة، بل جعلوا المخلوق أكمل منه، إذ كمال الذات بأسمائها وصفاتها.