فيه ما يتمسك به المبطل، فإنه لما عد الشرك الأصغر وفرغ من المقصود منه قال: من أنواع الشرك، وهذا رجوع إلى ما ذكر من الشرك الأكبر، ويدل عليه أو الكلام والسياق.

وقال رحمه الله: أما الشرك فهو نوعان أكبر وأصغر، فالأكبر لا يغفره الله إلا بالتوبة منه. وهو أن يتخذ من دون الله نداً، يحبه كما يحب الله، بل أكثرهم يحبون آلهتهم أعظم من محبة الله، ويغضبون لمنتقص معبودهم من المشايخ أعظم مما يغضبون إذا انتقص أحد ربّ العالمين. وقد شاهدنا هذا نحن وغيرنا منهم جهرة وترى أحدهم قد اتخذ ذكر معبوده على لسانه إن قام وإن قعد وإن عثر وإن استوحش لا ينكر ذلك. ويزعم أنه باب حاجته إلى الله وشفيعه عنده. وهكذا كان عباد الأصنام سواء. وهذا القدر هو الذي قام بقلوبهم وتوارثه المشركون بحسب اختلاف آلهتهم، فأولئك كانت آلهتهم من الحجر، وغيرهما اتخذوها من البشر (?) ، قال تعالى حاكياً عن أسلاف هؤلاء: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} [الزمر: من الآية3] ، فهذه حال من اتخذ من دون الله أولياء، يزعم أنهم يقربونه إلى الله زلفى، وما أعزّ من تخلص من هذا، بل ما أعزّ من لا يعادي من أنكره.

والذي قام بقلوب هؤلاء المشركين وسلفهم أن آلهتهم تشفع عند الله لهم (?) ، وهذا عين الشرك وقد أنكر الله ذلك عليهم في كتابه، وأبطله وأخبر أن الشفاعة كلها له.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015