فقف عند هذا وتأمل حكمة الشريعة وسرها في إخلاص العبادة والتعظيم الذي لا ينبغي إلا لله، ولو بأحقر شيء كالذباب، فكيف بكرائم الأموال؟ والله المستعان.
والنبي (حسم مادة الشّرك، وقطع وسائله حتى نهى عن الصلاة في الأوقات التي يسجد فيها الكفار للشمس، ونهى عن الصّلاة عند القبور، خشية الفتنة بها وبأربابها وإن كان المصلي لا يقصد شيئاً من ذلك. ولعن من فعل ذلك وأبدى وأعاد فيه وقال: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"، وفي رواية لمسلم: "وصالحيهم"، وقال ذلك عند مفارقة الدنيا إلى الرفيق الأعلى عليه أفضل الصلاة وأتم السلام. ونهى عن الحلف بغير الله، وقال: "من حلف بغير الله فقد أشرك"، وقال لرجل قال له: "ما شاء الله وشئت": "أجعلتني لله نداً؟ بل ما شاء الله وحده".
قال شيخ الإسلام: وأما من قصد التبرك بالصلاة عندها، فهذا عين المحادة لله ولرسوله. انتهى.
وعلى رأي هذا العراقي أنها تدعى ويستغاث بها، وتقصد وترجى، ويذبح لها فهذا عين العبادة وعين الغاية التي قطع الرسول (وسائلها، وسد ذرائعها، فهذا وأمثاله هم الآمرون بالشرك الواضعون له، الدّاعون إليه، الرّادون لما جاءت به الرسل من توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له. وإنما حدث الشرك برأي جنس هؤلاء، والله المستعان.
وقال شيخ الإسلام رحمه الله: عبادة الله وحده لا شريك له هي أصل الدين، وهي التوحيد الذي بعث الله به الرسل، وأنزل به الكتب، قال تعالى وتقدّس: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل:36] ، وقال: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الانبياء:25] ، وكان النّبيّ (يحقّق التوحيد، ويعلمه أمته، حتى قال له رجل: "ما شاء الله وشئت فقال: " أجعلتني لله نداً؟ بل ما شاء الله" ونهى عن الحلف