وإلاّ فالمرجع إلى أدلة الكتاب والسنة، قال الله تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ} [البقرة: من الآية270] ، وقال تعالى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً} [الانسان:7] ، فوصف خواص عباده بالوفاء بالنذر وأثنى عليهم بذلك، وفي الآية الأخرى الوعد بالإثابة والجزاء. فثبت أنه عبادة يحبها الرب ويرضاها، أي الوفاء به، وما كان كذلك فيجب إخلاصه لله لأن صرف العبادة لغير الله شرك، وفي حديث علي: "لعن الله من ذبح لغير الله"، وهذا العراقي وأمثاله من القبوريين دفعوا في صدر النصوص وردوها بشبهات وهذيان لا يصدر عمن يعقل ما يقول، وفي آخر العبارة التي نقلها العراقي عن شيخ الإسلام ابن تيمية: وهذا الحكم عام في قبر نفيسة، ومن هو أكبر من نفسية من الصحابة مثل قبر طلحة والزبير وغيرهما بالبصرة، وفي سلمان وغيره بالعراق.
قلت: وفيها بيان تدليس العراقي وإنه أسقطها ليروج قوله: فكيف يكفر من نذر لأحد الأنبياء والصالحين ـ إلى أن قال الشيخ: فيعتقدون أنها باب الحوائج إلى الله، وأنها تكشف الضر، وتفتح أبواب الرزق، أو تحفظ مصر، فإن من يعتقد هذا كافر مشرك يجب قتله، وكذلك من اعتقد في غيرها كائناً من كان {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً} [الاسراء:56] {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ، وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سبأ: 22 ـ 23] ، والقرآن من أوله إلى آخره، بل وجميع الكتب والرسل إنما بعثوا بأن يعبد الله وحده لا شريك له، وأن لا يجعل مع الله إله آخر، والإله من يأله القلب عبادة واستعانة، وإجلالاً وإكراماً وخوفاً ورجاءً، كما هو حال المشركين في آلهتهم، وإن اعتقد المشرك منهم أن ما يألهه مخلوق ومصنوع، كما كان المشركون يقولون في تلبيتهم "لبيك لا شريك لك، إلاّ شريكاً هو لك تملكه وما مالك"، وقال النبي صلى الله عليه وسلّم لحصين الخزاعيّ: "يا حصين كم تعبد؟ قال: أعبد سبعة آلهة، ستة في الأرض وواحد في السماء، قال: فمن الذي تعد لرغبتك ورهبتك؟ قال: الذي في السماء. قال: يا حصين، فأسلم