في الجهاد والمصارف الشرعية التي يستعان بها على عبادة الله وحده لا شريك له، والاستدلال بصرفها في ذلك المصرف الشرعي على أنها شرك وضلال أوجبه الاستدلال بذلك على أن النذر للأصنام ونحوها ليس بشرك.
وأما ما ذكره عن بعض الحنابلة إنهم نقلوا عبارة الشيخ في أن النذر للقبور ولأهلها نذر معصية، فأي دليل في هذا، والمعصية إذا أطلقت دخل فيها الشرك كما تقدم؟ قال الله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا} [النساء: من الآية14] وقال عن فرعون: {فَكَذَّبَ وَعَصَى} [النازعات:21] .
وأما قوله: فلو كان الناذر كافراً عنده لم يأمره بالصدقة، فإن الصدقة لا تقبل من الكافر.
فالجواب من وجوه:
الأول: أنه إذا أقلع عن الذنب وصرف المال في مصرفه الشرعي، فهذا رجوع منه عما كان عليه وتوبة منه.
الثاني: أنه لا يقال بالكفر مطلقاً لكل ناذر لغير الله حتى تقوم الحجة الرسالية عليه.
وأما ما نقله عن ابن القيم، فقد صرّح فيه بأنه نذر ومعصية وإشراك، وشبهة هذا العراقي: أنه لو كان شركاً مخرجاً عن الملة لما جاز صرفه للفقراء، فالعراقي لم يفرق بين النذر والمنذور، فكون النذر شركاً لا يمنع الانتفاع بالمنذور في الجهة الشرعية، كما تقدم من فعله صلى الله عليه وسلّم بمال اللات.
الوجه الثالث: أن الذي يصرفه في المصارف الشرعية هم ولاة الأمر وأهل العم، وليس المقصود: أن يصرفه الناذر نفسه، فإن هذا لا يعتبر، بل يرد إلى المشروع قسراً، ويعامل بنقيض قصده، وكلام الشيخ وأمثاله من أهل العلم ليس حجة مستقلة بل الحجة فيما يساق من الأدلة، وقد تقدم أن القصد هنا بيان جهله بكلام الشيخ، والكشف عن تحريف هذا العراقي لما نقله عن الشيخين،