العوام ومن لا بصيرة له بحقيقة دين الإسلام. وقد قدمنا أن طرد قول العراقي واستدلاله يفيد عدم التأثيم والتكفير في الخطأ في جميع أصول الدين، كالإيمان بوجود الله وربوبيته وإلهيته وقدره وقضائه، والإيمان بصفات كماله الذاتية والفعلية، ومسألة علمه بالحوادث والكائنات قبل كونها، والمنع من التكفير والتأثيم بالخطأ في هذا كله رد على من كفر معطلة الذات، ومعطلة الربوبية، ومعطلة الأسماء والصفات، ومعطلة إفراده تعالى بالإلهية والقائلين بأنه لا يعلم الكائنات قبل كونها كغلاة القدرية، ومن قال بإسناد الحوادث إلى الكواكب العلوية، ومن قال بالأصلين النور والظلمة؛ فإن التزم العراقي هذا كله فهو أكفر وأضل من اليهود والنصارى، وإن زعم أن ثمَّ فرقاً بين هذا وبين مسألة النزاع التي هي دعاء الأمواب الغائبين فيما لا يقدر عليه إلا ربّ العالمين فيوجدنا هذا الفرق، وليوجدنا دليلاً على صحته، فإن لم يفعل ـ ولن يفعل ـ بطل تقريره وتأصيله، وعلم أهل العلم والإيمان أنه دلس مشبه، ليس من أهل الفقه والدين، ولا ممن يعرف الإسلام والمسلمين، ويفرق بين الموحدين والمشركين، بل هو في ظلمات الطبع والجهل والشرك المبين.

وكلام شيخ الإسلام إنما يعرفه ويدريه من مارس كلامه وعرف أصوله، فإنه قد صرّح في غير موضع أن الخطأ قد يغفر لمن لم يبلغه الشرع، ولم تقم عليه الحجة في مسائل مخصوصة، إذا اتقى الله ما استطاع، واجتهد بحسب طاقته، وأين التقوى والاجتهاد الذي يدعيه عباد القبور والداعون للموتى وللغائبين؟ كيف والقرآن يتلى في المساجد والمدارس والبيوت؟ ونصوص السنة النبوية مجموعة مدونة معلومة الصحة والثبوت؟.

والحديث الذي ذكره الشيخ في رجل من أهل الفترات قام به من خشية الله وخوفه والإيمان بثوابه وعقابه ما أوجب له أن أمر أهله بتحريقه، فأين هذا من هؤلاء الضلال الذين نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم، واتبعوا ما تتلوا الشياطين على دعاء غير الله، والشرك برب العالمين، فسحقاً لهذا الجاهل المفتري، وبعداً لكل ضال غوي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015