دعاء المضطر، راجين قضاء حاجتهم بدعائه والدعاء به أو الدعاء عند قبره بخلاف عبادتهم لله، فإنهم يفعلونها في كثير من الأوقات على وجه العادة والتكلف، حتى إن العدو الخارج عن شريعة الإسلام ـ التتار ـ لما قدم دمشق خرجوا يستغيثون بالموتى عند القبور التي يرجون عندها كشف الضر، وقال بعض شعرائهم:

يا خائفين من التتر ... لوذوا بقبر أبي عمر

أو قال:

عوذوا بقبر أبي عمر ... ينجيكموا من الضرر

فقلت لهم: إنّ هؤلاء الذين تستغيثون بهم لو كانوا معكم في القتال لانهزموا كما انهزم من انهزم من المسلمين يوم أحد، ولهذا كان أهل المعرفة والدين والمكاشفة لم يقاتلوا في تلك المرة؛ لعدم القتال الشرعي الذي أمر الله به ورسوله، فلما كان بعد ذلك جعلنا نأمر الناس بإخلاص الدين والاستغاثة بالله، وإنهم لا يستغيثون بملك مقرب ولا نبي مرسل، فلما أصلح الناس أمورهم وصدقوا في الاستغاثة بربهم نصرهم على عدوهم نصراً عزيزاً لم يتقدم لهم نظيره، ولم تهزم التتار مثل هذه الهزيمة قبل ذلك، لما صح من تحقيق التوحيد لله وطاعة رسوله، مما لم يكن قبل ذلك، فإن الله ينصر رسله والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد" انتهى ما نقلته من كلامه.

ولم يقتصر فيه على مجرد الإنكار، بل جعله شركاً وكفراً، بعد قيام الحجة والعلم بكفر فاعله، وجعله من ضرورات الدين، بل جعله أصل الدين، وجعل وجود هذا الشرك مانعاً من القتال الشرعي، وسبباً للهزيمة وعدم النصر، فأي إنكار أبلغ من هذا؟.

وقد أنكر الشيخ ابن تيمية شعر الصرصري، ونص على أنه يقع فيه ما لا يسوغ ولا يجوز.

وقوله:

لأنت إلى الرحمن أقوى وسيلة

ليس فيه استغاثة كما زعم العراقي، بل المقصود إنه صلى الله عليه وسلّم هو الواسطة بين العباد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015