إلى أحد من خلقك ". وفي مسند أحمد وصحيح أبي حاتم لن حبان عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ما أصاب عبدًا قط هَمٌّ ولا حَزَن فقال: اللهم إنى عبدك، وابن عبدك، وابن أمتك، ناصِيتى بيدك، ماضٍ في حكمك، عَدْل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سَمَّيتَ به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو عَلَّمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك: أن تجعل القرآن العظيم رَبِيع قلبى، ونور بصرى، وجلاء حُزّنى، وذهاب هَمِّى وغمى، إلا أذهب الله همه وغمه، وأبدله مكانه فرحا ". قال: يا رسول الله، أفلا نتعلمهن؟ قال: " ينبغى لمن سمعهن أن يتعلمهن ". وقال لأمته: " إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، يُخَوِّف الله بهما عباده، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة، وذِكْر الله، والاستغفار ". فأمرهم عند الكسوف بالصلاة والدعاء والذكر والعتق والصدقة، ولم يأمرهم أن يدعوا مخلوقا ولا ملكا ولا نبيا ولا غيرهم.
ومثل هذا كثير في سنته، لم يشرع للمسلمين عند الخوف إلا ما أمر الله به؛ من دعاء الله، وذكر الله والاستغفار، والصلاة، والصدقة، ونحو ذلك. فكيف يعدل المؤمن بالله ورسوله عما شرع الله ورسوله إلى بدعة ما أنزل الله بها من سلطان، تُضَاهى دين المشركين والنصارى؟ ! .
وإن زَعَم أحدٌ أن حاجته قضيت بمثل ذلك، فأنه مثل له شيخه ونحو ذلك، فعباد الكواكب ونحوهم من أهل الشرك يجرى لهم نحو هذا، كما تقدم، وقد تواتر عمن مضى من المشركين، وعن المشركين في هذا الزمان. ولولا ذلك ما عبدت الأصنام ونحوها، قال الخليل عليه السلام: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ} [إبراهيم: 35، 36] .
ويقال: إن أول ما ظهر الشرك في أرض مكة بعد إبراهيم الخليل من جهة " عمرو بن لُحِىِّ الخزاعى "،الذى رآه النبي صلى الله عليه وسلم يجر أمعاءه في النار. وهو أول من سَيَّب السوائب، وغَيَّر دين إبراهيم. قالوا: إنه ورد الشام، فوجد فيها أصناما يزعمون أنهم ينتفعون بها في جَلْب منافعهم ودفع مضارهم، فنقلها إلى مكة، وسَنَّ للعرب الشرك وعبادة الأصنام.