كان يقول: اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، فيسقون ". وفي السنن: "أن أعرابيا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: جهدت الأنفس، وجاع العيال، وهلك المال، فادع الله لنا، فإنا نستشفع بالله عليك، وبك على الله. فسبح رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه، وقال: " ويحك! إن الله لا يستشفع به على أحد من خلقه، شأن الله أعظم من ذلك ". فأقره على قوله: " إنا نستشفع بك على الله "، وأنكر عليه: " نستشفع بالله عليك "؛ لأن الشافع يسأل المشفوع إليه، والعبد يسأل ربه ويستشفع إليه، والرب تعالى لا يسأل العبد ولا يستشفع عليه. والله سبحانه وتعالى.

وأما زيارة القبور المشروعة، فهي أن يسلم على الميت ويدعو له بمنزلة الصلاة على جنازته، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقول قائلهم: " سلام عليكم أهل دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، ويرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم ". وروى أنه قال: " ما من رجل يمر بقبر رجل كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام ". والله تعالى يثيب الحى إذا دعا للميت المؤمن، كما يثيبه إذا صلى على جنازته؛ ولهذا نهى نبيه أن يفعل ذلك بالمنافقين، بقوله تعالى: {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ} [التوبة: 84] . فليس في الزيارة الشرعية حاجة الحى إلى الميت، ولا مسألته ولا توسله به، بل فيها منفعة الحى للميت، كالصلاة عليه، والله يرحم هذا ويثيبه على عمله، ويرحم هذا بدعاء هذا وإحسانه إليه، فإنه ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إذا مات ابن ادم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به من بعده، أو ولد صالح يدعو له ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015