النبي صلى الله عليه وسلم فيصلي على النبي صلى الله عليه وسلّم وعلى أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.

الوجه الثالث: في كراهة قصدها بالدعاء، أن السلف رضي الله عنهم كرهوا ذلك متأولين في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تتخذوا قبري عيدا" كما ذكرنا عن علي بن الحسين والحسن بن الحسن ابن عمه وهما أفضل أهل البيت من التابعين وأعلم بهذا الشأن من غيرهما؛ لمجاورتهما الحجرة النبوية نسباً ومكاناً، وقد ذكرنا عن أحمد وغيره أنه أمر من سلّم على النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ثم أراد أن يدعو: أن ينصرف ويستقبل القبلة، وكذلك أنكر ذلك غير واحد من العلماء المتقدمين كمالك وغيره ومن المتأخرين مثل أبي الوفاء بن عقيل وأبي الفرج بن الجوزي، وما أحفظ لا عن صحاب ولا عن تابع ولا عن إمام معروف أنه استحب قصد شيء من القبور للدعاء عندها، ولا روى أحد في ذلك شيئا لا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة، ولا عن أحد من الأئمة المعروفين.

وقد صنف الناس في الدعاء وأوقاته وأمكنته وذكروا فيه الآثار فما ذكر أحد منهم في فضل الدعاء شيء من القبور حرفاً واحداً ـ فيما أعلم ـ، فكيف يجوز والحالة هذه أن يكون الدعاء عندها أجوب وأفضل؟ والسلف تنكره ولا تعرفه وتنهى عنه ولا تأمر به؟!.

نعم صار من نحو المائة الثالثة يوجد متفرقا في كلام بعض الناس: فلان ترجى الإجابة عند قبره وفلان يدعى عنده، ونحو ذلك، والإنكار على فعل ذلك أو قاله كائنا من كان فإن أحسن أحواله أن يكون مجتهدا في هذه المسألة أو معذوراً يعفو الله عنه، أما كون هذا الذي قال يقتضي استحباب ذلك فلا، بل قد يقال: هذا من جنس قول بعض الناس: المكان الفلاني يقبل النذر، والموضع الفلاني ينذر له ويعينون عيناً أو بئراً أو شجرةً أو مغارةً أو حجراً أو غير ذلك من الأوثان، فكما لا يكون مثل هذا القول عمدة في الدين كذلك الأول، ولم يبلغني إلى الساعة عن أحد من السلف رخصة في ذلك إلا ما روى ابن أبي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015