الأنبياء والصالحين وما يفعله أهل الكتاب من الضلال الواضح المستبين؛ وقرّر أدلة ذلك وقواعده، وأصوله ووسائله وذرائعه وذكر من النصوص والآثار والاعتبار ما فيه كفاية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

وأما ما نقله العراقي من هذا الكتاب فهي أسئلة وإيرادات أوردها الشيخ بقصد ردها ودفعها والجواب عنها، لئلا يغتر بها الغالون، ويشبه بها المحرفون، فأخذ العراقي تلك الإيرادات وانتزعها من الكلام وترك جوابها وكشفها بما قبلها وبما بعدها، وموّه على الجهّال والأغمار بأنّ الشيخ ذكر هذا في كتابه، وهذا من جنس لي الألسن بالكتاب، الذي وصف الله به اليهود في قوله تعالى: {يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ} (آل عمران: من الآية78) ، وقد فسّر بهذا الجنس، وأن منه إقامة ما يظن أنه حجة في الدين وليس بحجّة، بل هذا أبلغ ما فسروا به ليّ الألسن، فإنه من جنس ما جرى لكثير من الفسّاق والكفّار في أخذ بعض الكلام، أو كلمة فقط في الجملة، ويدعون تمامها وما ارتبط بها، حتى أنشد بعضهم:

دع المساجد للعبّاد تسكنها ... واذهب بنا إلى حانة الخمّار يسقينا

ما قال ربك ويل للأولى سكروا ... بل قال ربك ويل للمصلينا

ولا يتبين لك ما قلناه إلا بسياق كلام الشيخ في هذا المبحث، فإنه رحمه الله ذكر مشابهة المغضوب عليهم والضالين في أعيادهم الزمانية وقرّر ما في ذلك من المفاسد الموجبة للخروج عن الصراط المستقيم، بعد ما مهّد جملة من القواعد الكلية العامة والمسائل المفيدة التامة، وقرّر وأطال وبحث وأجاد المقال، ثم ذكر فصلاً في الأعياد المكانية، ,قسمها كالزمانية إلى ثلاثة أقسام، أحدها: مكان لا فضل له في الشريعة أصلاً، ولا فيه ما يوجب تفضيله، بل هو كسائر الأمكنة أو دونها، فقصد ذلك المكان أو قصد الاجتماع فيه لصلاة أو دعاء أو ذكر أو غير ذلك ضلال مبين، ثم إن كان به بعض آثار الكفار من اليهود والنصار أو غيرهم، صار أقبح وأشنع، وأدخل هذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015