وبين الدّاعي، وفيه أن الاستغاثة لا تصح بالمخلوق، وهي نوع من الدّعاء وكذلك القسم وأسقط العراقي هذا كله.
الموضع السادس: حذف قول الشيخ: وأما بالمعنى الذي نفاها النّبي صلى الله عليه وسلّم فهو أيضاً مما يجب نفيها، ومن أثبت لغير لله ما لا يكون إلا لله فهو أيضاً كافر إذا قامت عليه الحجة، ومن هذا الباب قول أبي يزيد البسطاميّ: "استغاثة المخلوق بالمخلوق كاستغاثة الغريق بالغريق"، وقال الشيخ أبو عبد الله القرشى: "استغاثة المخلوق بالمخلوق كاستغاثة المسجون بالمسجون ". وفى دعاء موسى عليه السلام: " اللهم لك الحمد، وإليك المشتكى، وأنت المستعان وبك المستغاث، وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله "، ولما كان هذا المعنى هو المفهوم عند الإطلاق وكان مختصاً بالله، صح إطلاق نفيه عما سواه؛ ولهذا لا يعرف عن أحد من أئمة المسلمين أنه جوَّز مطلق الاستغاثة بغير الله، وكذا الاستعانة أيضا، منها ما لا يصح إلا لله، وهى المشار إليها بقوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (الفاتحة: 5) فإنه لا يعين على العبادة الإعانة المطلقة إلا الله. وقد يستعان بالمخلوق فيما يقدر عليه، وكذلك الاستنصار، قال تعالى: {وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} (الأنفال: 72) ، والنصر المطلق هو به ما يغلب العدو ولا يقدر عليه إلا الله ".
فهذا حذفه كلّه، واقتصر على قول الشيخ: "والاستغاثة أن يطلب من الرسول ما هو اللائق بمنصبه، لا ينازع فيها مسلم، ومن نازع في هذا المعنى فهو إما كافر إن أنكر ما يكفر به، وإلا مخطئ ضال".
حذف ما بعد هذه العبارة وظنّ أنها تؤيد مذهب عبّاد القبور، وأن منصب الرسالة يقتضي أن يدعى مع الله ويستغاث به الاستغاثة المطلقة، كما يفعل من يستغيث بالمسيح وأمه، والملائكة، هذا فهم العراقي. والشيخ قد فصل وبين ما يليق بالمنصب الشريف وما يختص بمقام الربوبية، فأسقط ما لا يقبل التحريف وأثبت ما حرفه وألحد فيه.
وهذا الجواب حجّة لشيخنا الشيخ محمد بن عبد الوهاب وغيره من