تعالى المغيث والغياث، وجاء ذكر المغيث في حديث أبى هريرة، قالوا: وأجمعت الأمة على ذلك. وقال أبو عبد الله الحليمى: "الغياث هو المغيث"، وأكثر ما يقال: غياث المستغيثين، ومعناه المدرك عباده فى الشدائد إذا دعوه، ومجيبهم ومخلصهم. وفى خبر الاستسقاء فى الصحيحين: " اللهم أغثنا" يقال: أغاثه إغاثة وغياثًا وغوثًا، وهذا الاسم فى معنى المجيب والمستجيب، قال تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} (الأنفال: 9) ، إلا أنّ الإغاثة أحق بالأفعال، والاستجابة أحق بالأقوال، وقد يقع كل منهما موقع الآخر.

قالوا: الفرق بين المستغيث والداعى: أن المستغيث ينادى [بالغوث، والداعى ينادى] (?) بالمدعو والمغيث. وهذا فيه نظر؛ فإنّ من صيغة الاستغاثة: "يا الله يا للمسلمين"، وقد روي عن معروف الكرخى أنه كان يكثر أن يقول: "واغوثا بالله"، ويقول: "إنى سمعت الله يقول: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} "، وفى الدعاء المأثور: " يا حي يا قيوم، لا إله إلا أنت برحمتك أستغيث، أصلح لى شأنى كله، ولا تكلنى إلى نفسى طرفة عين، ولا إلى أحد من خلقك ". والاستغاثة برحمته استغاثة به فى الحقيقة، كما أن الاستعاذة بصفاته استعاذة به فى الحقيقة، وكما أن القسم بصفاته قسم به فى الحقيقة، ففى الحديث: " أعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق "، وفيه " أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك، لا أحصى ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك ".

ولهذا استدل الأئمة فيما استدلوا به على أن كلام الله غير مخلوق بقوله: " أعوذ بكلمات الله التامات " قالوا: والاستعاذة لا تصلح بالمخلوق، وكذلك القَسَم، وقد ثبت فى الصحيحين أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت "، وفى لفظ: " من حلف بغير الله فقد أشرك " رواه الترمذي وصححه. ثم قد ثبت فى الصّحيح: الحلف بـ " عزة الله "، وبـ " عمر الله "، ونحو ذلك مما اتفق المسلمون على أنه ليس من الحلف بغير الله الذى نهى عنه.

كل هذا حذفه العراقي، وأسقطه، لما فيه من رد كلامه، وهدم أساسه، وقد بين فيه الشيخ معى الإغاثة، وأن الله هو المغيث، والفرق بينه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015